Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 8-11)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ } : هذه الآيات أمثالٌ منبِّهات على قدرة اللَّه تعالَى القاضِيَةِ بتجويزِ البَعْثِ ، { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ } : معناه : ما تنقُصُ ، ثم ٱختلف المتأوِّلون في صُورَةِ الزِّيادة والنُّقْصَان ، وجمهورُ المتأوِّلين على أنَّ غَيْضَ الرحِمِ وهو نقْصُ الدمِ على الحَمْل ، وقال الضَّحَّاك : غَيْضُ الرَّحِمِ : أنْ تسقط المرأة الوَلَدَ ، والزيادة أنْ تضعه لمدَّةٍ كاملةٍ ، ونحوُه لقتادة . وقوله : { وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } : عامٌّ في كل ما يدخلُهُ التقديرُ ، و { ٱلْغَيْبِ } : ما غاب عن الإِدراكات ، و { ٱلشَّهَـٰدَةِ } : ما شُوهِدَ من الأمور . وقوله : { ٱلْكَبِيرُ } : صفةُ تعظيمٍ ، و { ٱلْمُتَعَالِ } : من العلو . وقوله سبحانه : { سَوَاءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ … } الآية : أيْ : لا يخفى على اللَّه شيءٌ ، والـــ { سَارِبٌ } ؛ في اللغة : المتصرِّف كيف شاء . وقوله سبحانه : { لَهُ مُعَقِّبَـٰتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } : المعنى : جعل اللَّه للعبد معقِّباتٍ يحفظونه في كلِّ حالٍ من كلِّ ما جرى القَدَرُ بٱندفاعه ، فإِذا جاء المَقْدُور الواقعُ ، أسلم المَرْءُ إِليه ، والـــ { مُعَقِّبَـٰتٌ } ؛ على هذا التأويل : الحَفَظَةُ على العِبَادِ أَعمالهم ، والحَفَظَةُ لهم أيضاً ؛ قاله الحسن ، وروى فيه عن عثمانَ بْنِ عَفَّان حديثاً عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وهذا أقوى التأويلات في الآية ، وعبارةُ البخاريِّ : { مُعَقِّبَـٰتٌ } : ملائكةٌ حَفَظَةٌ يَعْقُبُ الأَوَّلُ منها الآخِرَ . انتهى . وقالَتْ فرقةٌ : الضمير في « له » عائدٌ على ٱسمِ اللَّه المتقدِّم ذكره ، أي : للَّه معقِّبات يحفظون عَبْده ، والضمير في قوله : { يَدَيْهِ } وما بعده عن الضمائر عائدٌ على العَبْد ، ثم ذكر سبحانه أنه لا يغيِّر هذه الحالة مِنَ الحفْظِ للعبدِ ؛ حتَّى يغير العبد ما بنَفْسِهِ ، والــ { مُعَقِّبَـٰتٌ } : الجماعاتُ التي يَعْقَب بعضُها بعضاً ، وهي الملائكةُ ، وينظر هذا إِلى قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم : " يَتَعَاقَبُ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بالنَّهَارِ … " الحديث ، وفي قراءة أُبيِّ بْنِ كَعْب : « مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَرَقِيبٌ مِنْ خَلْفِهِ » ، وقرأ ابن عباس : « وَرُقَبَاءُ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ » ، وقوله : { يَحْفَظُونَهُ } : أي : يحرسونه ويذبُّون عنه ، ويحفظونَ أيضاً أعماله ، ثم أخبر تعالى ؛ أَنه إِذا أَراد بقومٍ سوءاً ، فلا مردَّ له ، ولا حِفْظَ منه .