Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 48-52)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ … } ، الآية : { يَوْمٍ } ظِرفٌ للانتقامِ المذْكُورِ قبله ، وروي في تَبْدِيلِ الأرض أَخْبَارٌ منها في الصَّحِيحِ : " يُبَدِّلُ اللَّهُ هَذِهِ الأَرْضَ بأَرْضٍ عَفْرَاءَ بَيْضَاءَ كَأَنَّهَا قرصة نَقي " ، وفي الصحيح : " إِنَّ اللَّهَ يُبَدِّلُهَا خُبْزَةً يَأْكُلُ ٱلْمُؤْمِنُ مِنْهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ " وروي أنها تبدَّلُ أَرضاً من فِضَّةٍ ، وروي أنها أرض كالفضَّة مِنْ بياضها ، وروي أنها تبدَّل من نارٍ . قال * ع * : وسمعتُ من أبي رحمه اللَّه ؛ أنه روي أنَّ التبديل يَقَعُ في الأرضِ ، ولكنْ يبدَّل لكلِّ فريقٍ بما يقتضيه حالُهُ ، فالمُؤْمِنُ يكُونُ على خُبْزٍ يأكُلُ منه بحَسَبِ حاجته إِليه ، وفريقٌ يكونُ على فضَّة ، إِن صحَّ السند بها ، وفريقُ الكَفَرَةِ يَكُونُونَ على نارٍ ، ونحو هذا ممَّا كله واقِعٌ تحْتَ قدرةِ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ ، وأكثر المفسِّرين على أنَّ التبديلَ يكونُ بأرضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ لَمْ يُعْصَ اللَّهُ فيها ، ولا سُفِكَ فِيهَا دَمٌ ، وَلَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لأَحَدٍ ، وروي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال : " المؤمنون وقْتَ التبديل في ظلِّ العرش " ، وروي عنه أنه قال : " النَّاسُ وقْتَ التبديل على الصِّراط " ، ورُوِيَ أنه قال : " الناسُ حينئذٍ أضْيَافُ اللَّهِ ، فلا يُعْجِزُهُم ما لَدَيْهِ " وفي « صحيح مسلم » من حديث ثَوْبَان " في سؤال الحَبْرِ ، وقوله : يا مُحَمَّدُ ، أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمٰوَاتُ ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : « هُمْ فِي الظُلْمَةِ دُونَ الجسر » " الحديثَ بطوله ، وخرَّجه مسلمٌ وابنُ مَاجَه جميعاً ، قالا : حدَّثنا أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ ، ثم أسنَدَا عَنْ عائشة ، قَالَتْ : " سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ السَّمٰوَاتُ } فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسِ ؟ قَالَ : عَلَى الصِّرَاطِ " ، وخرَّجه الترمذيُّ من حديث عائشة ، " قالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، { وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ مَطْوِيَّـٰتٌ بِيَمِينِهِ } [ الزمر : 67 ] ، فَأَيْنَ يَكُونُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : « عَلَى الصِّرَاطِ يَا عَائِشَةُ » ، قال أبو عيسَى : هذا حديثٌ حسن صحيح . انتهى من « التذكرة » . { وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ } : أي الكفَّار ، و { مُّقَرَّنِينَ } : أي : مربوطين في قَرْنٍ ، وهو الحَبْلُ الذي تُشَدُّ به رؤوس الإِبِلِ والبَقَرِ ، و { ٱلأَصْفَادِ } : هي الأغلال ، واحِدُها صَفَد ، والسَّرابيل : القُمُصُ ، والــ { قَطِرَانٍ } : هو الذي تهنأ به الإِبل ، وللنار فيه ٱشتعالٌ شديدٌ ، فلذلك جعل اللَّهُ قُمُصَ أهْلِ النارِ منه ، وقرأ عمر بن الخطاب وعليٌّ وأبو هريرة وابنُ عبَّاس وغيرهم : « مِنْ قِطْرٍ آنٍ » ، والقِطْر : القَصْدِير ، وقيل : النُّحَاس ، وروي عن عمر أنَّه قال : ليس بالقَطِرَانِ ، ولكنَّه النُّحَاس يسر بلونه ، و « آن » : صفة ، وهو الذائبُ الحارُّ الذي تناهَى حَرُّه ؛ قال الحَسَن : قد سُعِّرَتْ عليه جهنَّم منْذُ خُلِقَتْ ، فتناهَى حَرُّه . وقوله سبحانه : { لِيَجْزِيَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ … } الآية : جاء من لفظة الكَسْب بما يعم المُسِيءَ والمُحْسِنَ ؛ لينبِّه على أنَّ المحسن أيضاً يجازَى بإِحسانه خيراً . وقوله سبحانه : { هَـٰذَا بَلَـٰغٌ لِّلنَّاسِ … } الآية : إِشارةٌ إِلى القرآن والوعيدِ الذي تضمنَّه ، والمعنى : هذا بلاغٌ للناس ، وهو لينذروا به وليذَّكَّر أولو الألباب ، وصلَّى اللَّه على سيِّدنا محمَّد وآله وصَحْبِه وسلَّم تسليماً .