Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 10-15)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ ٱلأَوَّلِينَ } الآية : تسليةٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم : أيْ : لا يضقْ صدْرُكَ ، يا محمَّد ، بما يفعله قومُكَ من ٱلاستهزاءِ في قولهم : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ } ، وغير ذلك ، و « الشيعة » : الفرقة التابعة لرأْسٍ مَّا . * ت * : قال الفرَّاء { فِي شِيَعِ ٱلأَوَّلِينَ } إِنَّه من إِضافة الموصوفِ إِلى صفته كــ { حَقُّ ٱلْيَقِينِ } [ الواقعة : 95 ] ، و { جَانِبِ الغَرْبِيِّ } [ القصص : 44 ] ، وتأوَّله البصريُّون على حذف الموصوفِ ، أي : شيع الأمم الأولين . انتهى من * ص * وقوله سبحانه : { كَذَٰلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ * لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ } : يحتمل أنْ يكون الضَّميرُ في { نَسْلُكُهُ } يعودُ على الذكْر المحفوظِ المتقدِّم ، وهو القرآن ، ويكون الضميرُ في « به » عائداً عليه أيضاً ، ويحتمل أن يعود الضميران معاً على الاستهزاء والشرك ونحوه ، والباء في « به » : باء السبب ، أي : لا يؤمنون بسبب شركهم وٱستهزائهم ، ويحتملُ أنْ يكون الضمير في { نَسْلُكُهُ } عائداً على ٱلاستهزاءِ والشركِ ، والضمير في « به » عائداً على القرآن ، والمعنى ، في ذلك كلِّه ، ينظر بعضه إِلى بعض ، و { نَسْلُكُهُ } : معناه : ندخله و { ٱلْمُجْرِمِينَ } ؛ هنا : يراد بهم كُفَّار قريش ، ومعاصرو النبيِّ صلى الله عليه وسلم . وقوله : { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } عمومٌ ، معناه الخصوصُ فيمن حُتِمَ عليه ، وقوله : { وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ } : أي : على هذه الوتيرَةِ ، { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم } ، أي : على قريشٍ وكفَرَةِ العَصْر ، والضميرُ في قوله : { فَظَلُّواْ } عائدٌ عليهم ، وهو تأويلِ الحَسَنِ ، و { يَعْرُجُونَ } : معناه يَصْعَدُون ، ويحتملُ أنْ يعود على الملائكةِ ، أي : ولو رأوا الملائكة يَصْعَدُون ويتصرَّفون في بابٍ مفتوحٍ في السماء لما آمنوا ، وهذا هو تأويلُ ابنِ عبَّاسٍ ، وقرأ السبْعَةُ سِوَى ٱبن كثيرٍ : « سُكِّرَتْ » - بضم السِّين وشدِّ الكاف - ، وقرأ ابن كثير بتخفيف الكافِ ، تقول العربُ : سَكِرَتِ الرِّيحُ تَسْكَرُ سُكُوراً ، إِذا ركَدَتْ ، ولم تنفذ لما كانت بسبيله أولاً ، وسَكِرَ الرجُلُ من الشَّرابِ ، إِذا تغيَّرت حاله وركَدَ ، ولم ينفذ لما كان بسبيله أنْ ينفذ فيه ، وتقول العرب : سَكَرْتُ البَثْقَ في مجاري المَاءِ سكراً ؛ إِذا طَمَسْتَهُ وَصَرَفْتَ الماء عنه ، فلم يَنْفذ لوجْهه . قال * ع * : فهذه اللفظةِ « سُكِّرَتْ » - بشدِّ الكافِ - إِن كانَتْ من سُكْرِ الشراب ، أوْ من سُكُور الريحِ ، فهي فعلٌ عُدِّيَ بالتضعيفِ ، وإِن كانَتْ من سكرِ مجاري الماءِ ، فتضعيفُها للمبالغة ، لا للتعدِّي ، لأن المخفَّف من فعله متعدٍّ ، ومعنى هذه المقالةِ منهم : أي : غُيِّرَتْ أبصارنا عما كانَتْ عليه ، فهي لا تنفذ وتعطينا حقائقَ الأشياءِ : كما كانَتْ تفعلُ .