Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 26-33)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ } : يعني : آدم ، قال ابن عباس : خُلِقَ من ثلاثَةٍ : مِنْ طينٍ لازبٍ ، وهو اللازقُ الجَيِّد ، ومِنْ صلصالٍ ، وهو الأرضُ الطَّيِّبَةُ يقع عليها الماءُ ، ثم ينحسرُ ؛ فيتشقَّقُ وتصيرُ مثْلَ الخزف ، ومِنْ حَمإٍ مسنون ، وهو الطينُ فيه الحماة ، والـ { مَّسْنُونٍ } : قال مَعمرٌ : هو المُنْتِنُ ، وهو مِنْ أَسِنَ الماءُ ؛ إِذا تَغَيَّر ، وَرُدَّ من جهة التصريف ، وقيل غير هذا ، وفي الحديث : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَىَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ التُّرَابِ : الطَّيِّبِ وَالخَبِيثِ ، وَالأَسْوَدِ وَالأَحْمَرِ " وقوله : { وَٱلْجَآنَّ } : يراد به : جنسُ الشياطينِ ، وسئل وهبُ بْنُ مُنَبِّهٍ عنهم ، فقال هم أَجناسٌ . قال * ع * : والمراد بهذه الخِلْقة إِبليسُ أَبو الجِنِّ ، وقوله : { مِن قَبْلُ } ؛ لأَن إِبليس خُلِقَ قبل آدم بمدَّة ، و { ٱلسَّمُومِ } ؛ في كلام العرب : إِفراطُ الحَرِّ حتى يقتلَ : مِنْ نارٍ ، أو شمسٍ ، أو ريحٍ ، وأمَّا إِضافة « النار » إِلى « السموم » في هذه الآية ، فيحتملُ أنْ تكون النار أنواعاً ، ويكون السمومُ أمراً يختصُّ بنوعٍ منها ، فتصحُّ الإِضافة حينئذٍ ، وإِن لم يكن هذا ، فيخرج هذا على قولهم : « مَسْجِدُ الجَامِعِ ، ودَارُ الآخِرَةِ » ؛ على حذف مضافٍ . قوله عزَّ وجلَّ : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلآئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ * قَالَ يَٰإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ * قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } : أخبر اللَّه سبحانه الملائكَةَ بعُجْبٍ عندهم ، وذلك أنهم كانوا مَخْلُوقين منْ نُورٍ ، فهي مخلوقاتٌ لِطَافٌ ، فأخبرهم سبحانَه أنه يَخْلُقُ جسْماً حيًّا ذا بَشَرَةٍ ، وأنه يخلقه من صلصالٍ ، والبَشَرة هي وَجْهُ الجِلْد في الأَشْهَرِ من القَوْل ، وقوله : { مِن رُّوحِي } : إِضافة خَلْقٍ ومِلْكٍ إِلى خالقٍ ومَالكٍ ، وقولُ إِبليس : { لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَـالٍ … } الآية : ليس إِباءَتَهُ نفْسَ كفره عنْدَ الحُذَّاق ؛ لأَن إِباءَتَهُ إِنما هي معصيةٌ فقَطْ ، وإِنما كفره بمقتضى قولِهِ ، وتعليلِهِ ، إِذ يقتضي أَنَّ اللَّه خَلَقَ خَلْقاً مَفضولاً ، وكلَّفَ خَلْقاً أفضلَ منه ؛ أَنْ يَذِلَّ له ، فكأنه قال : وهذا جَوْرٌ ، وقد تقدَّم تفسير أكثر هذه المعاني .