Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 22-25)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } : أيْ : ذاتَ لقح ؛ يقال : لقحت الناقة والشجَرُ ، فهي لاقحةٌ ، إِذا حَمَلَتْ ، فالوجْهُ في الرِّيحِ مُلْقِحَةٌ ، لا لاقحةٌ ، قال الداووديُّ : وعن ابن عُمَرَ : الرِّياحُ ثمانٍ : أرْبَعٌ رحْمَةٌ ، وأربعٌ عذابٌ ؛ فالرحمةُ : المرسلاتُ ، والمُبَشِّرات ، والنَّاشِرَاتُ ، والذَّاريات ، وأما العذاب : فالصَّرْصَرُ ، والعقيمُ ، والقاصِفُ ، والعَاصِف ، وهما في البَحْر . انتهى . وقوله جلَّت عظمته : { وَإنَّا لَنَحْنُ نُحيِي وَنُمِيتُ … } الآيات : هذه الآياتُ مع الآيات التي قبلها تضمَّنت العِبْرَةَ والدلالةَ على قدرة اللَّه تعالى ، وما يُوجِبُ توحيدَهُ وعبادَتَهُ ، المعنى : وإِنا لَنَحْنُ نحيي من نشاء بإِخراجه من العَدَمِ إِلى وجودِ الحياةِ ، ونميتُ بإِزالة الحياةِ عَمَّن كان حَيًّا ، { وَنَحْنُ ٱلْوَٰرِثُونَ } ، أي : لا يبقَى شيْءٌ سوانا ، وكلُّ شيءٍ هالكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ، لا ربَّ غيره . { وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَـئْخِرِينَ } : أي : من لَدُنْ آدم إِلى يوم القيامة ، قال ابن العربيِّ في « أحكامه » : روى الترمذيُّ وغيره في سبب نُزُولِ هذه الآية ، عن ابن عَبَّاس ؛ أَنَّهُ قَالَ : كَانَتِ ٱمْرَأَةٌ تصلِّي خَلْفَ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قال ابن عبَّاس : وَلاَ ، واللَّهِ ، مَا رَأَيْتُ مِثْلَهَا قَطُّ ، قال : فَكَانَ بعْضُ المسلمين ، إِذا صَلَّوْا تقدَّموا ، وبعضُهم يستأَخر ، فإِذا سجدوا نَظَرُوا إِليها مِنْ تَحْت أيديهم ، فأنزل اللَّه الآيَةَ ، ثم قال ابنُ العربيِّ : في شَرْحِ المراد بهذه الآية خَمْسَةُ أقوالَ : أحدهما : هذا . القول الثاني : المتقدِّمين في الخَلْق إِلى اليوم ، والمتأخِّرين الذين لم يخلقوا بَعْد ، بيانٌ أن اللَّه يَعْلَمُ الموجُودَ والمَعْدُومَ ، قاله قتادة وجماعة . الثَّالثُ : مَنْ مات ، ومَنْ بقي ؛ قاله ابن عَبَّاس أيضاً . الرابع : المستَقْدِمِين : سائرُ الأمم ، والمستأخرِينَ أمَّة سيِّدنا محمد صلى الله عليه وسلم قاله مجاهد . الخامس : قال الحَسَنُ : معناه : المتقدِّمين في الطاعة ، والمستأخرين في المعصية . انتهى . قلت * ت * : والحديثُ المتقدِّم ، إِنْ صحَّ ، فلا بد من تأويله ، فإِن الصحابة ينزَّهُونَ عن فعْلِ ما ذُكِرَ فيه ، فيؤوَّل بأنَّ ذلك صَدَرَ من بعضِ المنافقين ، أوْ بعضِ الأعراب الذين قَرُبَ عهدهم بالإِسلام ، ولم يَرْسَخِ الإِيمان في قلوبهم ، وأما ابنُ عبَّاس ، فإِنه كان يومَئِذٍ صغيراً بلا شك ، هذا إِن كانت الآيةُ مدنيَّةً ، فإِن كانت مكيَّةً ، فهو يومئذٍ في سِنِّ الطفوليَّة ، وبالجملة فالظاهرُ ضَعْفُ هذا الحديثِ من وُجوهٍ . انتهى ، وباقي الآية بيِّن .