Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 3-5)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ … } الآية : وعيدٌ وتهديدٌ ، وما فيه من المهادنة منسوخٌ بآية السيْف ، وروى ابنُ المُبارَك في « رقائقه » ، قال : أخبرنا الأوزاعيُّ عن عُرْوَةَ بن رُوَيْمٍ ، قال : قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " شِرَارُ أُمَّتِي الَّذِينَ وُلِدُوا في النَّعِيم ، وغُذُوا به ، هِمَّتُهُمْ أَلْوَانُ الطَّعَامِ ، وَأَلْوَانُ الثِّيَابِ ، يَتَشَدَّقُونَ بِالْكَلاَمِ " انتهى . وقوله : { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } : وعيدٌ ثانٍ ، وحكى الطبريُّ عن بعض العلماء ؛ أنه قال : الأولُ في الدنيا ، والثَّاني في الآخرة ، فكيف تَطِيبُ حياةٌ بَيْنَ هَذَيْنِ الوعِيدَيْنِ . وقوله : { وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ } : أي : يشغلهم أمهلم في الدنيا ، والتزيُّد منها . قال عبدُ الحَقِّ في « العَاقِبة » : ٱعْلَمْ رحمك اللَّه أنَّ تقصير الأمل مَعَ حُبِّ الدنيا متعذر ، وٱنتظارَ المَوْتِ مع الإِكباب عَلَيْها غَيْرُ مُتَيَسِّر ، ثم قال : وَٱعْلَمْ أنَّ كثرة ٱلاشتغال بالدنْيَا والمَيْلَ بالكلِّية إِليها ، وَلَذَّةَ أمانيِّها تمنَعُ مرارةَ ذكْرِ المَوْت ؛ أَنْ تَرِدَ على القلْب ، وأنْ تَلِجَ فيه ؛ لأن القَلْبَ إِذا ٱمتلأَ بشَيْءٍ ، لم يكُنْ لشيءٍ آخر فيه مَدْخَلٌ ، فإِذا أَرَادَ صاحبُ هذا القَلْبِ سَمَاعَ الحِكْمَة ، وٱلانتفاعَ بالموعظة ، لم يكُنْ لهُ بُدٌّ من تفريقه ، لِيَجِدَ الذَكْرُ فيه منزلاً ، وتُلْفِيَ الموعظةُ فيه محلاًّ قابلاً ، قال ابن السَّماك رحمه اللَّه : إِن الموتَى لَمْ يبْكُوا من الموت ؛ لكنهم بَكَوْا مِنْ حَسْرة الفوت ، فَاتَتْهُمْ واللَّهِ ، دَارٌ لَمْ يتزوَّدوا منها ؛ ودخلوا داراً لم يتزوَّدوا لها . انتهى . وإِنما حصل لهم الفَوْتُ ؛ بسبب ٱستغراقهم في الدنيا ، وطولِ الأمل المُلْهِي عن المعادِ ، ألهمنا اللَّه رُشْدَنَا بمَنِّه . وقوله سبحانه : { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ … } الآية : أي : فلا تستبطئَنَّ هلاكَهُم ، فليس مِنْ قريةٍ مُهْلَكَةٍ إِلا بأَجَلٍ ، وكتابٍ معلومٍ محدودٍ .