Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 45-50)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ * ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ … } الآية : الــ { سَلَـٰم } ؛ هنا : يحتمل أن يكونَ السَّلامة ، ويحتمل أن يكون التحيَّة ، والـــ { غِلٍّ } : الحقْد ، قال الداووديُّ : " عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم … } الآية ، قال : " إِذَا خَلَصَ المُؤْمِنُونَ مِنَ الصِّرَاطِ ، حُبِسُوا عَلَى صِرَاطٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ ، فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ بِمَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا ، أُذِنَ لَهُمْ في دُخُولِ الجَنَّةِ ، وَاللَّهِ ، لأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الجَنَّةِ مِنْ مَنْزِلِهِ في الدُّنْيَا " انتهى . والـ { سُّرُرٍ } : جمع سرير ، و { مُّتَقَـٰبِلِينَ } : الظاهر أن معناه : في الوجوه ، إِذ الأسرَّة متقابلةٌ ، فهي أحْسَنُ في الرتبة . قال مجاهد : لاَ يَنْظُرُ أَحَدُهُمْ في قفا صاحبه ، وقيل غير هذا مما لا يعطِيهِ اللفْظُ ، والـ { نَصَبٌ } : التعب ، و { نَبِّئْ } : معناه : أعْلِم . قال الغَزَّالِيُّ رحمه اللَّه في « منهاجه » : « ومن الآيات اللطيفة الجامعةِ بَيْنَ الرجاءِ والخَوْفِ قولُهُ تعالى : { نَبِّئ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } ، ثم قال في عَقِبَهُ : { وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ } ؛ لئِلاَّ يستولي عَلَيْكَ الرجاءِ بِمَرَّة ، وقوله تعالى : { شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ } [ غافر : 3 ] ، ثم قال في عقبه : { ذِي ٱلطَّوْلِ } [ غافر : 3 ] ، لَئِلاَّ يستولي عَلَيْكَ الخوف ، وأَعْجَبُ من ذلك قَولُهُ تعالَى : { وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } [ آل عمران : 30 ] ، ثم قال في عَقِبَهُ : { وَٱللَّهُ رَءوفٌ بِٱلْعِبَادِ } [ آل عمران : 30 ] ، وأعجَبُ منه قولُهُ تعالَى : { مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ } [ ق : 33 ] ، فعلَّق الخشية بٱسْمِ الرحمٰنِ ، دون اسْمِ الجَبَّار أو المنتقِمِ أو المتكبِّر ونحوه ، ليكون تخويفاً في تأمينٍ ، وتحريكاً في تسكينٍ كما تقولُ : « أَما تخشى الوالدةَ الرحيمة ، أمَا تخشى الوالِدَ الشَّفِيقَ » ، والمراد من ذلك أنْ يكونَ الطَّريقُ عدلاً ، فلا تذهب إِلى أَمْنٍ وقنوطٍ جعلنا اللَّه وإِيَّاكم من المتدبِّرين لهذا الذكْرِ الحكيمِ ، العامِلِينَ بما فيه ، إِنه الجَوَادُ الكَريم انتهى .