Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 66-77)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَٰلِكَ ٱلأَمْرَ } ، أي : أمضيناه وحَتَمْنَا به ، ثم أدخل في الكلام إِلَيْه من حيثُ أوحِيَ ذلك إِليه ، وأعلمه اللَّه به ، وقوله : { يَسْتَبْشِرُونَ } ، أي : بالأضياف طَمَعاً منهم في الفاحِشَةِ ، وقولهم : { أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ } : روي أنهم كانوا تقدَّموا إِليه في ألاَّ يضيفَ أحداً ، والعَمْر والعُمْر - بفتح العين وضمِّها - واحدٌ ، وهما مدة الحياة ، ولا يستعملُ في القَسَم إِلا بالفتحِ ، وفي هذه الآية شرَفٌ لنبينا محمَّد صلى الله عليه وسلم ؛ لأن اللَّه عزَّ وجلَّ أقسَمَ بحياته ، ولم يفعلْ ذلك مع بَشَرٍ سواه ؛ قاله ابن عباس . * ت * : وقال : * ص * : اللام في { لَعَمْرُكَ } للابتداءِ ، والكافُ خطابٌ لِلُوطٍ عليه السلام ، والتقديرُ : قالتِ الملائكةُ له : لَعَمْرُكَ ، واقتصر على هذا . وما ذَكَرَهُ * ع * : هو الذي عَوَّل عليهِ عِيَاضٌ وغيره . وقال ابن العربيِّ في « أحكامه » : قال المفسِّرون بأجمعهم : أقْسَمَ اللَّهُ في هذه الآيةِ بِحَيَاةِ محمَّد صلى الله عليه وسلم ، ولا أدْرِي ما أخرجَهم عن ذكْر لُوطٍ إِلى ذكْرِ محمَّد عليه السلام ، وما المانعُ أنْ يُقْسِمَ اللَّه بحياةِ لوطٍ ، ويبلغ به من التشريفِ ما شاءَ ، وكلُّ ما يُعْطِي اللَّه لِلُوطٍ مِنْ فضلٍ ، ويؤتيه مِنْ شَرَفٍ ، فلنبيِّنا محمَّد عليه السلام ، ضعفاه ؛ لأنه أكرمُ على اللَّه منه ، وإِذا أقسم اللَّه بحياةِ لوطٍ ، فحياة نبينا محمَّد عليه السلام أرْفع ، ولا يخرج من كلامٍ إِلى كلامٍ آخر غيره ، لم يجْرِ له ذكْرٌ ؛ لغير ضرورة . انتهى * ت * : وما ذكَرَه الجمهورُ أحْسَنُ ؛ لأن الخطاب خطابُ مواجهةٍ ؛ ولأنه تفسير صحابيٍّ ، وهو مقدَّم على غيره . و { يَعْمَهُونَ } : معناه : يتردَّدون في حيرتهم ، و { مُشْرِقِينَ } : معناه : قد دَخَلوا في الإِشراق ، وهو سطوعُ ضوء الشمس وظهوره ؛ قاله ابن زيد ، وهذه الصَّيْحةُ هي صيحة الوجْبَة ، وليستْ كصيحةِ ثمود ، وأهلكوا بعد الفَجْرِ مُصْبحين ، وٱستوفاهم الهَلاَكُ مُشْرِقين ، وباقي قصص الآية تقدَّم تفسير . و « للمتوسمين » : قال مجاهد : المتفرِّسون ، وقال أيْضاً : المعتبرون ، وقيل غير هذا ، وهذا كلُّه تفسيرٌ بالمعنَى ، وأما تفسير اللفظة ، فالمتوسِّم هو الذي يَنْظُرُ في وَسْمِ المعنَى ، فيستدلُّ به على المعنى ، وكأن معصيةَ هؤلاء أبقَتْ من العذابِ والإِهلاكِ وَسْماً ، فمَنْ رأَى الوَسْم ، ٱستدلَّ على المعصية به وٱقتاده النظر إِلى تجنُّب المعاصِي ؛ لئلا ينزل به ما نَزَلَ بهم ؛ ومِنَ الشِّعْرِ في هذه اللفظة قولُ الشاعر : [ الطويل ] @ تَوَسَّمْتُهُ لَمَّا رَأَيْتُ مَهَابَةً عَلَيْهِ وَقْلْتُ المَرْءُ مِنْ آلِ هَاشِمِ @@ والضمير في قوله : { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ } : يحتمل أنْ يعود على المدينةِ المُهْلَكَة ، أي : أنها في طريقٍ ظاهر بيِّن للمعتَبِر ، وهذا تأويلُ مجاهد وغيره ، ويحتمل أن يعود على الآيات ، ويحتملُ أنْ يعود على الحِجَارَةِ ، ويقوِّيه ما روي عنه صلى الله عليه وسلم ؛ أَنَّه قَالَ : " إِنَّ حِجَارَةَ العَذَابِ مُعَلَّقَةٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ مُنْذُ أَلْفَيْ سَنَةٍ لِعُصَاةِ أُمَّتِي " .