Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 1-4)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله سبحانه : { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } : روي أنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم لما قال جِبْريلُ في سرد الوحْيِ : { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } ، وثَبَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم قائماً ، فلما قال : { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } ، سكَنَ ، وقوله : { أَمْرُ ٱللَّهِ } : قال فيه جمهور المفسِّرين : إِنه يريدُ القِيَامَةَ ، وفيها وعيدٌ للكفَّار ، وقيل : المرادُ نَصْرُ محمَّد صلى الله عليه وسلم ، فَمَنْ قال : إِن الأمر القيامَةُ ، قال : إِن قوله تعالى : { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } : ردٌّ على المكذِّبين بالبَعْثِ ، القائلين : متَى هذا الوَعْدُ ، واختلف المتأوِّلون في قوله تعالى : { يُنَزِّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ } ، فقال مجاهدٌ : الرُّوحُ : النبوَّة ، وقال ابن عباس : الرُّوحُ الوحْيُ ، وقال قتادة : بالرحمةِ والوحْي ، وقال الربيع بنُ أنَسٍ : كلُّ كلام اللَّه رُوحٌ ، ومنه قوله تعالى : { أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } [ الشورى : 52 ] ، وقال الزَّجَّاج : الرُّوح : ما تَحْيَا به القلوبُ من هداية اللَّهِ عزَّ وجلَّ ، وهذا قولٌ حَسَنٌ ، قال الداووديُّ ، عن ابن عباس قال : الرُّوح : خَلْقٌ من خَلْق اللَّه ، وأمْرٌ من أمر اللَّه عَلى صُوَرِ بني آدم ، وما يَنْزِلُ من السماءِ مَلَكٌ إِلا ومعه رُوحٌ ؛ كالحفيظ عليه ، لا يتكلَّم ولا يراه مَلَك ، ولا شيءٌ مما خَلَقَ اللَّه ، وعن مجاهدٍ : الرُّوح : خَلْق من خَلْق اللَّه ، لهم أيدٍ وأرجلٌ . انتهى ، واللَّه أعلم بحقيقةِ ذلك ، وهذا أمرٌ لا يقَالُ بالرأْيِ ، فإِن صحَّ فيه شيء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَجَبَ الوقوفُ عنْده انتهى ، و « مَنْ » في قوله : { مَن يَشَآءُ } هي للأنبياء . وقوله تعالى : { خَلَقَ ٱلإِنْسَـٰنَ مِن نُّطْفَةٍ } : يريد بــ « الإِنسان » الجنْسَ ، وقوله : { خَصِيمٌ } يحتملُ أنْ يريد به الكَفَرة الذين يجادلُونَ في آياتِ اللَّه ؛ قاله الحسن البصريُّ ، ويحتملُ أنْ يريد أعَمَّ من هذا ، على أن الآية تعديدُ نعمةِ الذِّهْنِ والبَيَانِ على البَشَر .