Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 13-15)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَكُلَّ إِنسَـٰنٍ أَلْزَمْنَـٰهُ طَٰـئِرَهُ } قال ابن عباس : { طَٰـئِرَهُ } ما قُدِّر له وعليه ، وخاطب اللَّه العربَ في هذه الآية بما تَعْرِف ، وذلك أنه كان مِنْ عادتها التيمُّنُ والتشاؤم بالطَّيْر في كونها سانحةً وبارحةً ، وكَثُر ذلك حتَّى فعلته بالظِّباء وحيوانِ الفَلاَ ، وسمَّت ذلك كلَّه تَطَيُّراً ، وكانتْ تعتقدُ أنَّ تلك الطِّيَرَةَ قاضية بما يلقى الإِنسان من خيرٍ وشرٍّ ، فأخبرهم اللَّه تعالى في هذه الآية بأوجز لفظٍ ، وأبلغِ إشارةٍ ، أن جميع ما يلقى الإنسانُ من خير وشر قد سَبَقَ به القضاء ، وألزم حظه وعمله وتكسُّبه في عنقه ، وذلك في قوله عزَّ وجلَّ : { وَكُلَّ إِنْسَـٰنٍ أَلْزَمْنَـٰهُ طَـٰئِرَهُ فِي عُنُقِهِ } ، فعَّبر عن الحظِّ والعمل ؛ إِذ هما متلازمانِ ، بالطائر ؛ قاله مجاهد وقتادة : بحسب معتقد العرب في التطيُّرِ : { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ كِتَٰبًا يَلْقَـٰهُ مَنْشُوراً } : هذا الكتابُ هو عمل الإِنسان وخطيئاته ، { ٱقْرَأْ كِتَـٰبَكَ } أي : يقال له : اقرأ كتابك ، وأسند الطبريُّ عن الحسن ، أنه قال : يا بْنَ آدم بُسِطَتْ لك صحيفةٌ ، ووُكِلَ بك مَلَكَانِ كريمانِ ؛ أحدهما عن يمينِكَ يكتُبُ حسناتِكَ ، والآخر عن شمالِكَ يحفظُ سيئاتكَ ، فأَمْلِلْ ما شئْتَ وأقلِلْ أو أكِثْر حتَّى إِذا مُتَّ طُوِيَتْ صحيفتُكَ فجعلَتْ في عنقك معَكَ في قَبْرك حتى تَخْرُجَ لك يوم القيامة كتاباً تلقاه منشوراً { ٱقْرَأْ كِتَـٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } قد عَدَلَ واللَّه فيكَ ، مَنْ جعلك حسيبَ نَفْسك . قال * ع * فعلى هذه الألفاظِ التي ذكر الحسنُ يكون الطائرُ ما يتحصَّل مع ابْنِ آدم من عمله في قَبْره ، فتأمَّل لفظه ، وهذا قول ابن عباس ، وقال قتادة في قوله : اقرأ كتابك : إِنه سيقرأ يومئذ من لم يكُنْ يقرأ .