Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 1-1)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عزَّ وجلَّ : { سُبْحَٰنَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } : جل العلماء على أن الإسراء كان بشَخْصه صلى الله عليه وسلم ، وأنه ركِب البُرَاق من مكَّة ، ووصل إِلى بيت المقدس ، وصلَّى فيه ، وقالتْ عائشة ومعاوية : إِنما أُسْرِي بِرُوحه ، والصحيحُ ما ذهب إليه الجمهورُ ، ولو كانتْ منامةً ، ما أمكن قريشاً التشنيعُ ، ولا فُضِّل أبو بكر بالتصديق ، ولا قالَتْ له أمُّ هانىء : لا تحدِّث الناس بهذا ، فيكذِّبوك ، إِلى غير هذا من الدلائل ، وأما قول عائشة فإنها كانت صغيرة ، ولا حدثَتْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وكذلك معاوية . قال ابن العربيِّ : قوله تعالى : { سُبْحَٰنَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً } قال علماؤنا : لو كان للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ٱسْمٌ هو أشرَفُ منه ، لسماه اللَّه تعالى به في تلك الحَالةِ العَلِيَّة ، وقد قال الأستاذ جمال الإِسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هَوَازِنَ : لما رَفَعه اللَّه إِلى حضرته السَّنِيَّةِ وأرقاه فوق الكواكِب العُلْويَّة ؛ الزمه اسم العبوديَّة ، تواضُعاً وإِجلالاً للألوهية . انتهى من « الأحكام » . و { سُبْحَٰنَ } مصدر معناه : تنزيهاً للَّه ، وروى طلحة بن عبيد اللَّه الفَيَّاض أحد العَشَرة ، أنه قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم : ما معنى سبحان اللَّه ؟ قال : تَنْزِيهُ اللَّه مِنْ كُلِّ سوء ، وكان الإسراء فيما قال مقاتِلٌ وقتادةُ : قبل الهجرة بعامٍ ، وقيل : بعام ونصفٍ ، والمتحقِّق أن ذلك كان بَعْدَ شَقِّ الصحيفة ، وقبل بيعة العقبة ، ووقع في « الصحيحين » لشَرِيك بن أبي نَمِرٍ ، وَهْمٌ في هذا المعنى ؛ فإنه روى حديثَ الإِسراء ، فقال فيه : وذلك قبل أنْ يوحى إِليه ، ولا خلاف بين المحدِّثين ؛ أن هذا وَهْمَ من شريك . قال * ص * : { أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ } بمعنى : سَرَى ، وليست همزتُهُ للتعدية ، بل كـــ « سَقَى وَأَسْقَى » ، والباء للتعدية ، و { لَيْلاً } ظرفٌ للتأكيد ؛ لأن السُّرَى لا يكون لغةً إِلا بليلٍ ، وقيل : يعنى به في جوف الليل ، فلم يكن إِدْلاجاً ولا ٱدِّلاَجاً انتهى . و { ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَى } : بيت المقدس ، « والأقصى » البعيدُ ، والبركة حولَهُ منْ وجهين : أحدهما : النبوَّة والشرائعُ والرسُل الذين كانوا في ذَلِكَ القُطْر ، وفي نواحيه . والآخر : النِّعَم من الأشجار والمياه والأرض المفيدة . وقوله سبحانه : { لِنُرِيَهُ } يريد لنري محمَّداً بعينه آياتنا في السموات والملائكة والجَنَّةَ والسِّدْرةَ وغير ذلك من العجائبِ ، مما رآه تلك الليلة ، ولا خلاف أنَّ في هذا الإِسراء فُرِضَت الصلواتُ الخمسُ على هذه الأمة . وقوله سبحانه : { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ } وعيد للمكذِّبين بأمر الإِسراء ، أي : هو السميع لما تقولون ، البصير بأفعالكم .