Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 74-75)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَـٰكَ … } الآية : تعديدُ نعمه على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وروي أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما نزلَتْ هذه الآيةُ ، قال : " اللَّهُمَّ ، لاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عينٍ " وقرأ الجمهور ( تركن ) بفتح الكاف ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لم يركَنْ ، لكنَّه كاد بَحسَب هَمِّه بموافقتهم ؛ طمعاً منه في ٱستئلافهم ، وذهب ابن الأنباريِّ إِلى أن معنى الآية : لقد كادوا أن يخبروا عنْكَ أنَّك ركَنْتَ ونحو هذا ؛ ذهب في ذلك إلى نفْي الهمِّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فحمَّل اللفظ ما لا يحتملُ ؛ وقوله : { شَيْئًا قَلِيلاً } يبطلُ ذلك . * ت * : وجزى اللَّه ابنَ الأنباريِّ خيراً ، وإن تنزيه سائر الأنبياء لواجبٌ ، فكيف بسيِّد ولد آدم صلى الله عليه وعليهم أجمعين . قال أبو الفَضْل عياضٌ في « الشِّفَا » : قوله تعالى : { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَـٰكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً } : قال بعض المتكلِّمين : عاتب اللَّه تعالى نبيَّنا عليه السلام قبل وقوع ما يوجبُ العتاب ؛ ليكون بذلك أشدَّ انتهاءً ومحافظةً لشرائط المحبَّة ، وهذه غاية العناية ، ثم انظُرْ كيف بدأ بثباته وسلامته قبل ذِكْر ما عاتبه عليه ، وخيف أنْ يركن إِليه ، وفي أثناء عتبه بَرَاءَتُه ، وفي طَيِّ تخويفه تأمينُه . قال عياضٌ رحمه الله : ويجبُ على المؤمن المجاهِدِ نفسَهُ الرائِضِ بزمامِ الشريعةِ خُلُقَهُ ؛ أن يتأدَّب بآداب القرآن في قوله وفعله ومعاطاته ومحاوراته فهو عنصر المعارف الحقيقة ، وروضَةُ الآداب الدينية والدنيوية انتهى . قال * ع * : وهذا الهمُّ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم إِنما كان خَطْرة مما لا يمكِنُ دفعه ، ولذلك قيل : { كِدتَّ } وهي تعطي أنه لم يقعْ ركونٌ ، ثم قيل : { شَيْئًا قَلِيلاً } ؛ إِذ كانت المقاربة التي تضمنتها { كِدتَّ } قليلةً خطرةً لم تتأكَّد في النفْس . وقوله : { إِذًا لأَذَقْنَـٰكَ … } الآية : يبطل أيضاً ما ذهب إليه ابنُ الأنباريِّ . * ت * : وما ذكره * ع * رحمه الله تعالى من البطلان لا يصحُّ ، وما قدَّمناه عن عياضٍ حسنٌ ؛ فتأمَّله . وقوله : { ضِعْفَ ٱلْحَيَوٰةِ } : قال ابن عباس وغيره : يريد ضِعْفَ عذاب الحياةِ ، وضِعْفَ عذاب الممات .