Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 100-106)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَـٰفِرِينَ عَرْضاً } معناه أبرزناها لَهُمْ ؛ لتجمعهم وتحطِّمهم ، ثم أكَّد بالمصدر عبارةً عن شدَّة الحال . وقوله : { أَعْيُنُهُمْ } كنايةٌ عن البصائر ، والمعنى : الذين كانَتْ فِكَرُهم بينها ، وبَيْن ذكري والنَّظَرِ في شَرْعِي ـــ حجابٌ ، وعليها غطاءٌ { وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً } يريد لإِعراضهم ونِفارهم عن دعوة الحق ، وقرأ الجمهور ، « أفَحِسِبَ الَّذِين كَفَرُوا » - بكسر السين - بمعنى « أظَنُّوا » وقرأ علي بن أبي طالب وغيره وابنُ كَثِير ، بخلافٍ عنه : « أَفَحَسْبُ » بسكون السين وضمِّ الباء ، بمعنى « أَكافِيهِمْ ومنتهى غرضهم » ، وفي مصحف ابن مسعود : « أَفَظَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا » وهذه حجة لقراءة الجمهور . وقوله : { أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي } قال جمهور المفسِّرين : يريد كلَّ مَنْ عُبِدَ من دون اللَّه ؛ كالملائكة وعُزَيرٍ وعيسى ، والمعنى : أن الأمر ليس كما ظَنُّوا ، بل ليس لهم من ولاية هؤلاءِ المذكُورين شَيْءٌ ، ولا يجدون عندهم منتفعاً و { أَعْتَدْنَا } معناه : يَسَّرنا ، و « النُّزُل » موضع النزول ، و « النُّزُل » أيضاً : ما يُقدَّم للضْيفِ أو القادم من الطَّعام عند نزوله ، ويحتملُ أنْ يريد بالآية هذا المعنى : أنَّ المعدَّ لهؤلاء بَدَلَ النُّزُلِ جهنَّم ، والآية تحتملُ الوجهِينِ ، ثم قال تعالى : { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَـٰلاً } الآية : المعنى قل لهؤلاء الكفرة ؛ على جهة التوبيخ : هل نخبركم بالذين خَسِرَ عَمَلُهم ، وضَلَّ سعيهم في الحياة الدنيا ، وهم مع ذلك يظنُّون أنهم يحسنون فيما يصنعوه ، فإِذا طلبوا ذلك ، فقل لهم : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـآيَـٰتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ } ، وعن سعد بن أبي وقَّاص في معنى قوله تعالى : { وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } قال : هُمْ عُبَّاد اليهودِ والنصارى ، وأهْلُ الصوامع والدِّياراتِ وعن عَلِيٍّ : هم الخوارجُ ؛ ويضعِّف هذا كلَّه قولُهُ تعالى بعْدَ ذلك : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـآيَـٰتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ } ، وليس هذه الطوائف ممن يكفر باللَّه ولقائه ، وإِنما هذه صفة مشركي عَبَدَةِ الأوثان ، وعليٌّ وسعْدٌ رضي اللَّه عنهما ، ذكَرا قوماً أَخَذُوا بحظِّهم من صدر الآية . وقوله سبحانه : { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَزْناً } يريد أنهم لا حسنَةَ لهم تُوزَنْ ؛ لأن أعمالهم قد حَبِطَتْ ، أي : بَطَلَتْ ، ويحتمل المجاز والاستعارة ، كأنه قال : فلا قَدْرَ لهم عندنا يومئذ ، وهذا معنى الآية عنْدي ، وروى أبو هريرة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " يُؤَتَى بالأكُولِ الشَّرُوبِ الطَّوِيل فَلاَ يَزِنُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ ثم قَرَأَ : { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَزْناً } " . وقوله ذلك اشارة الى ترك إقامة الوزن .