Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 96-99)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { آتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ … } الآية قرأ حمزة وغيره : « ائْتُوني » بمعنى « جيئوني » ، وقرأ نافع وغيره : « آتوني » بمعنى « أعْطُوني » ، وهذا كله إِنما هو استدعاءُ المناولة ، وإِعمالُ القوَّة « والزُّبَر » جمع زُبْرة ، وهي القطعة العظيمة منه ، والمعنى : فرَصَفَه وبنَاه { حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ } ، وهما الجبلان ، وقوله : { قَالَ ٱنفُخُواْ … } الآية إلى آخر الآية ، معناه : أنه كان يأمر بوَضْع طاقة من الزُّبَر والحجارةِ ، ثم يوقد عليها حَتَّى تحمَى ثم يؤتَى بالنُّحَاس المُذَاب أو بالرصاص أو بالحديد ؛ بحسب الخلافِ في « القِطْر » ، فيفرغه على تلك الطاقة المنضَّدة ، فإِذا التأم واشتدَّ ، استأنَفَ رَصْفَ طاقةٍ أخرى إلى أن استوَى العَمَلُ ، وقال أكثر المفسِّرين : « القِطْر » : النُّحَاس المُذَابُ ، ويؤيِّد هذا ما روي " أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّه ، إِنِّي رَأَيْتُ سَدَّ يُأْجُوجُ ومَأْجُوجَ ، فَقَالَ : كَيْفَ رَأْيْتَهُ ؟ قَالَ : رَأَيْتُهُ كَالبُرُدِ المُحَبَّر ؛ طَريقَةٌ صَفْرَاءُ ، وَطَرِيقَةٌ حَمْرَاءُ ، وطَرِيقَةُ سَوْدَاءُ ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم « قَدْ رَأَيْتَهُ » " و { يَظْهَرُوهُ } ومعناه : يعلونه بُصعُودٍ فيه ؛ ومنه قوله في « الموطَّإ » ، « والشَّمْسُ في حجرِتها قَبْل أَنْ تَظْهَرَ » ، { وَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ لَهُ نَقْبًا } لبُعْد عَرْضه وقوَّته ، ولا سبِيلَ سَوى هذين : إما ارتقاءٌ ، وإِما نَقْب ، وروي أن في طُولَه ما بَيْنَ طرفَيِ الجبلَيْنِ مِائَة فَرْسَخِ ، وفي عَرْضه خمسينَ فرسخاً ، وروي غير هذا مما لم نَقِفْ على صحَّته ، فاختصرناه ، إِذ لا غاية للتخرُّص ؛ وقوله في الآية { ٱنفُخُواْ } يريد بالأَكْيَار . وقوله : { هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي } الآية : القائل ذو القرنين ، وأشار بــ { هَـٰذَا } إِلى الرَّدْمِ والقوةِ عليه ، والانتفاعِ به ، والوعدُ يحتملُ أنْ يريد به يوم القيامة ، ويحتمل أن يريد به وقْتَ خروجِ يأجُوجَ ومأجوج ، وقرأ نافع وغيره : « دَكًّا » مصدر « دَكَّ يَدُكُ » ، إِذا هدم ورض ، ونَاقةٌ دَكَّاء لا سَنَام لها ، والضمير في { تَرَكْنَا } للَّه عزَّ وجلَّ . وقوله : { يَوْمَئِذٍ } يحتمل أنْ يريد به يوم القيامة ، ويحتمل أنْ يريد به يَوْمَ كمالِ السَّدِّ ، والضميرُ في قوله : { بَعْضَهُمْ } على هذا ليأجوجَ ومأجُوجَ ، واستعارة المَوْج لهم عبارةٌ عن الحَيْرة ، وتردُّدِ بعضهم في بَعْضٍ ، كالمُوَلَّهينَ مِنْ هَمٍّ وخوفٍ ونحوه ، فشبَّههم بموجِ البَحْر الذي يضطرب بعضُه في بعض . وقوله : { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ … } إلى آخر الآية : يعني به يومَ القيامة بلا احتمالٍ لغيره ، و { ٱلصُّورِ } في قول الجمهور وظاهر الأحاديثِ الصِّحَاحِ : هو القَرْنُ الذي يَنْفُخُ فيه إِسرافيلُ للقيامة .