Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 6-8)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { فَلَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ } هذه آية تسلية للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، والباخِعُ نَفْسَه هو مهلكها . قال * ص * : « لعلَّ » للترجِّي في المحبوب ، وللإِشفاق في المحذور ، وهي هنا للإِشفاق . انتهى . وقوله : { عَلَىٰ آثَـٰرِهِمْ } : استعارة فصيحةٌ من حيثُ لهم إِدبارٌ وتباعُدٌ عن الإِيمان ؛ فكأنهم من فرط إِدبارهم قَدْ بَعُدُوا ، فهو في آثارهم يحزَنُ عليهم . وقوله : { بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ } ، أي : بالقرآن ، « والأسف » المبالغة في حزنٍ أو غضبٍ ، وهو في هذا الموضع الحزنُ ؛ لأنه على مَنْ لا يملك ، ولا هو تحت يدِ الآسِفِ ، ولو كان الأَسَفُ من مقتدرٍ على من هو في قبضته ومِلْكه ، لكان غضباً ، كقوله تعالى : { فَلَمَّا آسَفُونَا } [ الزخرف : 55 ] أي : أغضبونا . قال قتادة : { أَسَفاً } : حُزْناً . وقوله سبحانه : { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا … } الآية : بسط في التسلية ، أي : لا تهتمَّ بالدنيا وأهلها ، فإن أمرها وأمرهم أقلُّ ؛ لفناء ذلك وذهابه ، فإِنا إِنما جعلنا ما على الأرض زينةً وامتحاناً واختباراً ، وفي معنى هذه الآية قوله صلى الله عليه وسلم : " الدُّنْيَا حُلْوَةُ خَضِرَةٌ ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالى مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ، فَاتَّقُوا الدُّنْيا وٱتّقُوا النِّسَاءَ " { لِنَبْلُوَهُمْ } أي : لنختبرهم ، وفي هذا وعيدٌ مَّا . قال سفيانُ الثَّوْريُّ : أحسنهم عملاً : أزهدهم فيها ، وقال أبو عاصم العَسْقَلاَنِيُّ : { أَحْسَنُ عَمَلاً } . الترك لها . قال * ع * : وكان أبي رحمه اللَّه يقولُ : أحسن العَمَلِ : أخْذٌ بحقٍّ ، وإِنفاقٌ في حقٍّ ، وأداء الفرائض ، وٱجتناب المحارِمِ ، والإِكثار من المندوب إِليه . وقوله سبحانه : { وَإِنَا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً } أي : يرجع ذلك كُّله تراباً ، « والجُرُز » : الأرض التي لا شيء فيها مِنْ عمارةٍ وزينةٍ ، فهي البَلْقَعُ ، وهذه حالة الأرض العَامِرَةِ لا بُدَّ لها من هذا في الدنيا جزءاً جزءاً من الأرض ، ثم يعمُّها ذلك بأجمعها عند القيامة ، و « الصعيدُ » وجْه الأرض ، وقيل : « الصَّعيد » : التراب خاصَّة .