Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 12-16)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : عز وجل : { يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَـٰبَ بِقُوَّةٍ } المعنى : قال اللّهُ له : يا يَحْيَىٰ خذ الكتابَ ، وهو التوراةُ ، وقوله : { بِقُوَّةٍ } أَيْ : العلم به ، والحفظ له ، والعمل به ، والالتزام للوازمه . وقوله : { صَبِيّاً } يريد : شاباً لم يبلُغْ حدّ الكهولة ، ففي لفظ صبي على هذا ، تجوّزٌ ، واستصحابُ حال . وروى مَعْمَرُ أَنَّ الصِّبْيَانَ دعوا يَحْيَىٰ إلى اللَّعب ، وهو طِفْل ، فقال : إني لم أُخلقْ للعب ، فتلك الحِكْمة الَّتي آتاه اللّهُ عز وجل وهو صَبِيٌّ ، وقال ابن عباس : من قرأ القرآن قبل أن يحتلم ، فهو ممن أوتي الحِكْمة صَبِيّاً . « والحنان » : الرحمةُ ، والشفقةُ ، والمحبّة ؛ قاله جمهورُ المفسرين ، وهو تَفْسِير اللغة ؛ ومن الشواهد في « الحَنَان » قولُ النابغة : [ الطويل ] @ أَبَا مُنْذِرٍ ، أَفْنَيْتَ فَٱستَبِقِ بَعْضَنَا حَنَانَيْكَ بْعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضِ @@ وقال عطاء بن أبي رباح : « حَنَاناً مِنْ لَدُنَّا » بمعنى تعظيماً مِنْ لدنا . قال * ع * : وهو أَيضاً ما عظم من الأَمر لأَجل اللّه عز وجل ومنه قولُ زيدِ بن عَمْر بن نُفَيْل في خبر بِلاَلٍ : واللّهِ ، لَئِنْ قَتَلْتُمْ هَذَا العَبْدَ لاَتَّخَذْنَ قَبْرَهُ حَنَاناً . قال * ص * : قال أَبو عبيدة : وأَكْثَر ما يُسْتَعمل مثنى . انتهى ، والزكاةُ التنميةُ ، والتَّطْهير في وُجُوه الخير . قال مجاهدٌ : كان طعامُ يَحْيَى العُشب ، وكان للدمع في خَدّه مجار ثابتة . { وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً } روي أن يحيى عليه السلام لم يواقع معصية قَطُّ صغيرة ، ولا كبيرة والبَر كثير البرّ ، والجبار : المُتكبّر ، كأَنه يجبر الناس على أَخلاقه . وقوله : { وَسَلَـٰمٌ عَلَيْهِ } قال الطَّبرِيُّ ، وغيرُه : معناه وأَمانٌ عليه . قال * ع * : والأَظهرُ عندي : أَنها التّحيةُ المتعارفة ، فهي أَشرف ، وأَنبه من الأَمان ؛ لأَن الأَمان متحصَّلٌ له بنفي العِصْيان عنه ، وهو أَقلّ درجاته ، وإنما الشرف في أن سلم اللّهُ عليه ، وحيَّاه في المواطن الَّتي الإنسان فيها في غاية الضعْفِ ، والحاجةِ ، وقلَّةِ الحيلة . { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَٰبِ مَرْيَمَ } ، الكتاب : هو القُرْآنُ والاِنْتباذ : التنحِّي . قال السُّدِّيُّ : انتبذت ؛ لتطهر من حيض ، وقال غيره : لتعبد اللّه عز وجل . قال * ع * : وهذا أحْسن . وقوله : { شَرْقِيّاً } يريد : في جهة الشرق من مساكن أهلها ، وكانوا يعظمون جهة المَشْرق ؛ قاله الطبري . وقال بعضُ المفسرين : اتخذت المكانَ بشرقي المحرابَ .