Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 20-23)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَـٰمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً } ، والبغي : الزانية ، وروي : أن جبريلَ ـــ عليه السلام ـــ حين قاولها هذه المقاولة ، نفخ في جيب دِرْعها ؛ فسرت النفخة بإذن اللّه تعالى حتَّى حملت منها ؛ قاله وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ ، وغيرُهُ . وقال أُبيُّ بنُ كَعْبٍ : دخل الروح المنفوخُ من فمها ؛ فذلك قوله تعالى : { فَحَمَلَتْهُ } أي : فحملت الغلام ، ويذكر أَنها كانت بنت ثلاث عشرة سنة ، فلمَّا أحسَّت بذلك ، وخافت تعنيفَ الناس ، وأَن يُظنَّ بها الشَّرُ { انتَبَذَتْ } أيْ : تنحت مكاناً بعيداً ؛ حياء وفراراً على وجهها ، و { أَجَآءَهَا } معناه : اضْطرّها ، وهو تعدية [ جاء ] بالهمزة . و { ٱلْمَخَاضُ } : الطّلْقُ ، وشدةُ الولادة ، وأَوْجَاعُها ، وروي : أَنّها بلغت إلىٰ موضعٍ كان فيه جِذْع نخلة بالٍ يابس ، في أَصْله مِذْود بقرة ، على جرية ماء ، فاشتدَّ بها الأَمْرُ هنالك ، واحتضنت الجِذْع ؛ لشدة الوجع ، وولدت عيسى عليه السلام فقالت عند ولادتها ؛ لما رأته من صعُوبة الحال مِنْ غير ما وجهَ : { يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا } فتمنت الموتَ من جهة الدّين ؛ أَن يُظَنّ بها الشر ، وخوفَ أَن تُفْتَتَن بتعْيِير قومها ، وهذا مُباحٌ ؛ وعلى هذا الحدِّ تمناه عمرُ - رضي اللّه عنه - . { وَكُنتُ نَسْياً } أيْ : شَيْئاً مَتْرُوكاً محتقراً ، والنَّسِيُّ في كلام العرب ؛ الشيءُ الحقير الذي شأنه أَن يُنْسَى ، فلا يُتَأَلَّمُ لفقده ؛ كالوتد ، والحبل للمسافر ، ونحوه . وهذه القصةُ تقتضي أَنها حملت واستمرَّت حامِلاً على عُرْف البشر ، واستحْيَتْ من ذلك ؛ ومرّت بسببه ، وهي حاملٌ ، وهو قولُ جمهور المتأوِّلين . وروى عن ابن عباسٍ أَنه قال : ليس إلا أَن حملت ، فوضعت في ساعةٍ واحدة ؛ والله أعلم . وظاهر قوله : { فَأَجَاءَهَا ٱلْمَخَاضُ } أَنها كانت على عُرْف النساء .