Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 84-87)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ } أَيْ : لاَ تَسْتَبطِىءْ عَذَابهم . وقوله تعالى : { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } . قال * ع * : وظاهر هذه الوفادة أَنها بعد ٱنقضاءِ الحساب ، وإنما هي النهوضُ إلَى الجنَّة ، وكذلك سوقُ المجرمين إنما هو لدخُولِ النَّارِ . و { وَفْداً } قال المفسرون : معناه رُكْباناً ، وهي عادةُ الوفود ؛ لأَنهم سَرَاةُ الناسِ ، وأَحسنهم شَكْلاً ، وإنما شَبَّههم بالوفْدِ هيئة ، وكرامة . وروي عن عَلِيِّ - رضي اللّه عنه - أَنهم يَجِيئُونَ رُكْباناً على النُّوقِ المحلاَّة بحِلْيةِ الجنَّة : خطمُها من يَاقُوتٍ ، وزَبَرْجَدٍ ، ونحو هذا . وروى عمرو بْنُ قيس المَلاَّئِي : أنهم يركبون على تماثيل مِنْ أَعمالهم الصَّالِحة ، وهي في غَاية الحُسْن . وروي : أَنه يركب كُلُّ واحدٍ منهم ما أَحبَّ ؛ فمنهم : مَنْ يركبُ الإبلَ ، ومنهم : مَنْ يركب الخَيْلَ ، ومنهم مَنْ يركب السُّفُنَ ، فتجيء عَائِمةٌ بهم ، وقد ورد في « الضَّحَايَا » : أَنها مَطَايَاكُمْ إلَى الجَنَّةِ ؛ وأَكْثَر هذه فيها ضَعْفٌ مِنْ جهة الإِسْناد ، والسَّوْقُ : يتضمن هَوَاناً ، والورودُ : العطاش ؛ قاله ابن عباس وأَبُو هريرة ، والحَسَنُ . واختُلِفَ في الضَّمِير في قوله : { لاَّ يَمْلِكُونَ } فقالت فِرْقةٌ : هو عائد على { ٱلْمُجْرِمِينَ } أي : لا يملكون أَنْ يَشْفَعَ لهم ؛ وعلى هذا فالاِسْتِثْنَاءُ مُنقَطِع ، أيْ : لكن من اتخذ عند الرحمن عهداً يشفعُ له . والعهدُ عَلَى هذا الأَيْمان ، وقال ابنُ عباسٍ : العهدُ : لاَ إلَهَ إلاَّ اللّهُ ، وفي الحدِيث : يقول اللّهُ تعالى يَوْمَ القِيَامة : " مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدِي عَهْدٌ ، فَلْيَقُمْ " . قال * ع * : ويحتمل : أَنْ يكون المجرمون يعمُّ الكَفَرَةَ والعُصَاة ، أيْ : إلاَّ من اتخذ عند الرحمن عَهْداً من عُصَاةِ المؤْمِنِينَ ؛ فإنه يشفع لهم ، ويكون الاِسْتِثْناء مُتَّصِلاً . وقالت فِرْقَةٌ : الضميرُ في { لاَّ يَمْلِكُونَ } للمتقين . وقوله : { إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ … } الآية أيْ : إلاَّ من كان له عملٌ صَالِحٌ مبرورٌ ؛ [ فيشفَعُ ] فيُشَفَّع ، وتحتملُ الآية أَنْ يُرادَ بـ « مَنْ » النبي صلى الله عليه وسلم وبالشَّفَاعَة الخاصَّة له العامة في أَهل الموقِفِ ، ويكون الضميرُ في { لاَّ يَمْلِكُونَ } لجميع أَهْل الموقف ؛ أَلا تَرَى أَنَّ سَائِرَ الأَنبياء يتدافعون الشفاعةَ إذْ ذَاكَ ، حَتَّى تصيرَ إليه صلى الله عليه وسلم .