Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 109-110)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالَىٰ : { وَدَّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَـٰنِكُمْ كُفَّارًا … } الآيةَ : قال ابنُ عَبَّاس : المراد ابنا أَخْطَبَ ؛ حُيَيٌّ وأَبُو يَاسِرً ، أي : وأتباعهما ، واختلف في سبب هذه الآيةِ ، فقيل : إن حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ ، وعَمَّار بْنَ يَاسِرٍ أتيا بَيْتَ المِدْرَاس ، فأراد اليهودُ صرْفَهما عن دينهما ، فثبتا عليه ، ونزلت الآية ، وقيل : إن هذه الآية تابعةٌ في المعنَىٰ لما تقدَّم من نَهْيِ اللَّه عزَّ وجلَّ عن متابعة أقوال اليهود في : { رٰعِنَا } [ البقرة : 104 ] وغيره ، وأنهم لا يودُّون أن ينزل على المؤمنين خيْرٌ ، ويودُّون أن يردوهم كفاراً من بعد ما تبيَّن لهم الحق ، وهو نبوءة محمَّد صلى الله عليه وسلم . * ت * : وقد جاءَتْ أحاديث صحيحةٌ في النهيِ عن الحسدِ ، فمنْها حديثُ مالكٍ في الموطَّإ عن أنسٍ ؛ أن رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال : " لاَ تَبَاغَضُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَكُونُوا عِبَاد اللَّهِ إخْوَاناً ، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهُجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ " وأسند أبو عمر بن عبد البَرِّ عن الزُّبَيْر ، قال : قال رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : " دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ : الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ ، حَالِقَتَا الدِّينِ ، لاَ حَالِقَتَا الشَّعْرِ " انتهى من « التمهيد » . والعَفْوُ : تركُ العُقُوبةِ ، والصفْح : الإِعراض عن المُذْنِبِ ؛ كأنَّه يولي صفحة العُنُق ، قال ابنُ عَبَّاس : هذه الآية منسوخةٌ بقوله تعالَىٰ : { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ التوبة : 29 ] الآيةَ إلى قوله : { صَـٰغِرُونَ } . وقيل : بقوله : { ٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ التوبة : 5 ] ، وقال قوم : ليس هذا حدَّ المنسوخِ ؛ لأن هذا في نفْس الأمر كان التوقيفَ على مدَّته . * ت * : وينبغي للمؤمن أَن يتأدَّب بآداب هذه الآية ، وفي الحديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ أَنَّهُ قَال : " أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَا يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ الدَّرَجَاتِ » ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : « تَحْلُمُ عَلَىٰ مَنْ جَهِلَ عَلَيْكَ ، وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ ، وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ ، وَتَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ " خرَّجه النسائيُّ . انتهى من « الكوكب الدرِّيِّ » لأبي العبَّاس أحمد بن سعيد التُّجِيبِيِّ . وقوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } : مقتضاه في هذا الموضِعِ : وَعْدٌ للمؤمنين . وقوله تعالى : { وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ … } الآية : قال الطبريُّ : إِنما أمر اللَّه المؤمنين هنا بالصَّلاة والزَّكاة ليحطَّ ما تقدَّم من ميلهم إِلى قول اليهودِ : { رَٰعِنَا } [ البقرة : 104 ] ؛ لأنَّ ذلك نَهْيٌ عن نوعه ، وقوله : { تَجِدُوهُ } ، أي : تجدوا ثوابه ، وروى ابن المبارك في « رَقَائِقِهِ » بسنده قال : " جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ إلَىٰ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَالِي لاَ أُحِبُّ المَوْتَ ؟ فَقَالَ : هَلْ لَكَ مَالٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : فَقَدِّمْ مَالَكَ بَيْنَ يَدَيْكَ ؛ فَإِنَّ المَرْءَ مَعَ مَالِهِ ، إِنْ قَدَّمَهُ ، أَحَبَّ أَنْ يَلْحَقَهُ ، وَإِنْ خَلَفَهُ ، أَحَبَّ التَّخَلُّفَ " انتهى . وقوله تعالَىٰ : { إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } خبرٌ في اللفظِ ، معناه الوعْدُ والوعيدُ .