Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 121-124)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { ٱلَّذِينَ آتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَتْلُونَهُ … } الآية : قال قتادة : المراد بـ « الَّذِينَ » في هذا الموضع : مَنْ أَسْلَمَ من أمَّةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، والكتابُ علَىٰ هذا : التأويل القرآن ، وقال ابنُ زَيْد : المراد مَنْ أسلم من بني إِسرائيل ، والكِتَابُ ؛ على هذا التأويلِ : التوراةُ ، و { ءَاتَيْنَـٰهُمُ } : معناه : أعطيناهم ، و { يَتْلُونَهُ } : معناه : يتبعونه حقَّ اتباعه بٱمتثالِ الأمر والنهي ، قال أحمد بن نَصْر الدَّاوُودِيُّ : وهذا قول ابن عباس ، قال عِكْرِمَةُ : يقال : فلانٌ يتلو فلاناً ، أي : يتبعه ؛ ومنه : { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلَـٰهَا } [ الشمس : 2 ] أي : تبعها . انتهى . وللَّه دَرُّ مَنِ ٱتَّبَعَ كلامَ ربِّهِ ، وٱقتفىٰ سُنَّة نبيِّه ، وإِن قلَّ عِلْمُهُ ، قال القُضَاعِيُّ في اختصاره لِــ « المدارك » : قال في ترجمة سُحْنُون : كان سُحْنُون يقول : مَثَلُ العلْمِ القليلِ في الرجُلِ الصالحِ مَثَلُ العَيْنِ العَذْبَةِ في الأرض العَذْبة ، يزرع علَيْها صاحبُها ما ينتفعُ به ، ومَثَلُ العلْمِ الكثيرِ في الرجُلِ الطالحِ مَثَلُ العَيْن الخَرَّارة في السَّبِخَةِ تهرُّ الليلَ والنَّهارَ ، ولا ينتفعُ بها . انتهى . وقيل : { يَتْلُونَهُ } : يقرءونه حقَّ قراءته ، وهذا أيضاً يتضمَّن الاِتّباع والاِمتثالَ ، و { حَقَّ } : مصدرٌ ، وهو بمعنَى أفْعل ، والضمير في « بِهِ » عائدٌ على « الكتاب » ، وقيل : يعود على محمَّد صلى الله عليه وسلم ؛ لأن مُتَّبِعِي التوراةِ يجدُونه فيها ، فيؤمنون به ، والضميرُ في { يَكْفُرْ بِهِ } يحتمل من العود ما ذكر في الأول . وقوله تعالى : { يابَنِى إِسْرٰءِيلَ … } الآيةَ : تقدَّم بيان نظيرها ، ومعنى : { وَلاَ تَنفَعُهَـا شَفَـٰعَةٌ } : أنه ليستْ ثَمَّ ، وليس المعنَىٰ أنه يشفع فيهم أحَد ، فيردّ ، وأما الشفاعةُ التي هي في تعجيلِ الحسَابِ ، فليستْ بنافعة لهؤلاءِ الكَفَرة . * ت * : ولم ينبِّه - رحمه اللَّه - علَىٰ هذا في التي تقدَّمت أولَ السورة ، و { ٱبْتَلَىٰ } معناه : ٱخْتَبَرَ ، وفي « مختَصَرِ الطَّبريِّ » : { ٱبْتَلَىٰ } ، أي : ٱختَبَرَ ، والاختبارُ من اللَّه عزَّ وجلَّ لعباده علَىٰ علْمٍ منه سبحانه بباطِنِ أمرهم وظاهره ، وإنما يبتليهم ليظهر منهم سابقُ علمه فيهم ، وقد روي ذلك عن عليٍّ - رضي اللَّه عنه - في قوله عز وجَلَّ : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَـٰهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَـٰرَكُمْ } [ محمد : 31 ] فقال رضي اللَّه عنه : إِن اللَّه عزَّ وجلَّ لم يزلْ عالماً بأخبارِهِمْ وخُبْرِهِمْ وما هُمْ عليه ، وإن قوله : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ } ، أي : حتَّىٰ نسوقَكُم إِلى سابقِ علْمِي فيكم . انتهى ، وهو كلام حسنٌ . وقد نبه * ع * : عَلىٰ هذا المعنَىٰ فيما يأتي ، والعقيدةُ أنَّ علمه سبحانه قديمٌ ، عَلِمَ كلَّ شيء قبْلَ كونه ، فجَرَىٰ على قَدَرِهِ لا يكون من عباده قولٌ ولا عملٌ إلا وقد قضاه ، وسبق علمه به سبحانه لا إله إلا هو . و { إِبْرَاهِيمَ } : يقال : إِنَّ تفسيره بالعربيَّةِ أَبٌ رَحِيمٌ ، واختلف أهل التأويل في « الكلمات » ، فقال ابن عَبَّاس : هي ثلاثُونَ سَهْماً هي الإسلام كلُّه ، لم يتمَّه أحدٌ كاملاً إلا إبراهيمُ - عليه السلام - منْها في « براءة » : { ٱلتَّـٰئِبُونَ ٱلْعَـٰبِدُونَ … } الآية [ التوبة : 112 ] ، وعشرة في « الأحزاب » : { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ … } [ الأحزاب : 35 ] ، وعَشَرة في { سَأَلَ سَائِلٌ } [ المعارج : 1 ] . * ت * : وقيل غير هذا . وفي « البخاريِّ » : أنه اختتن ، وهو ابن ثمانينَ سنَةً بالقَدُومِ ، قال الراوي : فأوحى اللَّه إليه { إِنِّي جَـٰعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } والإِمام القُدْوة . وإِنما سمِّيت هذه الخصالُ كلماتٍ ؛ لأنها اقترنتْ بها أوامر هي كلمات ، وروي أن إبراهيم ، لما أتمَّ هذه الكلماتِ أو أتمَّها اللَّه عليه ، كتب اللَّه له البراءة من النَّار ، فذلك قوله تعالَىٰ : { وَإِبْرٰهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } [ النجم : 37 ] . وقول إبراهيم عليه السلام : { وَمِن ذُرِّيَّتِي } هو على جهةِ الرغباءِ إلى اللَّه ، أي : ومن ذريتي ، يا ربِّ ، فٱجعلْ . وقوله تعالى : { قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّـٰلِمِينَ } ، أي : قال اللَّه ، والعهد فيما قال مجاهد : الإِمامة .