Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 125-126)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ } ، أي : الكعبة { مَثَابَةً } ، يحتملُ مِنْ ثَابَ إِذا رجع ، ويحتمل أن تكون من الثواب ، أي : يثابون هناك ، « وَأَمْناً » للناسِ والطيرِ والوُحُوشِ ؛ إذ جعل اللَّه لها حرمةً في النفوس ؛ بحيث يَلْقَى الرجُلُ بها قاتِلَ أبيه ، فلا يهيجه ، وقَرَأَ جمهور الناس : « وَٱتَّخِذُوا » ، بكسر الخاء ؛ على جهة الأمر لأمَّة محمَّد صلى الله عليه وسلم ، وقرأ نافعٌ ، وابنُ عامرٍ ، « وٱتَّخَذُوا » بفتح الخاء ؛ على جهة الخبر عن مَنِ ٱتَّخَذَه مِنْ متبعي إبراهيم - عليه السلام - ومقام إبراهيم في قول ابن عَبَّاس ، وقتادة ، وغيرهما ، وخرَّجه البُخَارِيُّ هو الحَجَر الذي ٱرتفع عليه إِبراهيم حينَ ضَعُف عن رفْع الحجارةِ الَّتي كان إِسماعيلُ يناوله إِياها في بنَاء البَيْت ، وغَرِقَتْ قدماه فيه ، و { مُصَلًّى } : موضع صلاة . * ص * : { مِن مَّقَامِ } : مِنْ تبعيضيةٌ على الأظهر ، أو بمعنَىٰ : « في » أو زائدة ؛ علَىٰ مذهب الأخفش ، والمقامُ : مَفْعَلٌ من القيامِ ، والمراد به هنا المكانُ ، انتهى ، يعني : المكانَ الذي فيه الحَجَر المسمَّىٰ بالمقام . وقوله تعالى : { وَعَهِدْنَا } : العَهْدُ ؛ في اللغة : على أقسام ، هذا منها ، الوصية بمعنى الأمر ، و { طَهِّرَا } : قيل : معناه : ٱبنِيَاهُ وأسِّساه علَىٰ طَهَارَةٍ ونيَّةِ طَهَارَةٍ ، وقال مجاهدٌ : هو أمر بالتطهير من عبادة الأوثان ، و { لِلطَّائِفِينَ } ظاهره : أهل الطوافِ ، وَقَالَهُ عطاء وغيره ، وقال ابن جُبَيْر : معناه : للغرباءِ الطارئِينَ علَىٰ مكَّة ، { وَٱلْعَـٰكِفِينَ } : قال ابن جُبَيْر : هم أهل البلد المقيمُونَ ، وقال عطاء : هم المجاورُونَ بمكَّة ، وقال ابنُ عبَّاس : المصَلُّون ، وقال غيره ؛ المعتكفُونَ ، والعكُوف ؛ في اللغة : الملازمة . وقوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا } ، أيْ : من الجبابرة والعدُوِّ المستأصل ، وروي أن اللَّه تعالى ، لما دعاه إِبراهيم ، أمر جبريل ، فٱقتلع فِلَسْطِينَ ، وقيل : بقعة من الأرْدُنِّ ، فطاف بها حَوْلَ البيتِ سبْعاً ، وأنزلها بِوَج ، فسمِّيت الطَّائِفَ ؛ بسبب الطواف . وقوله تعالى : { قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً … } الآية : قال أبيُّ بن كَعْب ، وٱبْنُ إسحاقَ ، وغيرهما : هذا القَوْلُ من اللَّه عزَّ وجلَّ لإِبراهيم ، وقال ابنُ عَبَّاس ، وغيره : هذا القول من إِبراهيم . قال : * ع * : فكأنَّ إِبراهيم دعا للمؤمنين ، وعلى الكافرين ، وفي « مختصر الطبريِّ » : وقرأ بعضهم ، « فأُمْتِعْهُ » ؛ بالجزم ، والقَطْع على الدعاء ، ورآه دعاءً من إِبراهيم ، وروي ذلك عن أبي العالية ، كان ابنُ عبَّاس يقول : ذلك قولُ إبراهيم ، سأل ربَّه أنَّ من كَفَر به ، فأمتعه قليلاً يقول : فٱرزقْهُ قليلاً ، ثم ٱضْطَرَّهُ إِلى عذاب النارِ ، أي : أَلْجِئْهُ . انتهى ، وعلى هذِهِ القراءةِ يجــيءُ قولُ ابن عبَّاس ، لا على قراءة الجمهور ، و { قَلِيلاً } : معناه : مُدَّة العُمُر ؛ لأن متاع الدنيا قليلٌ .