Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 130-133)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَٰهِيمَ … } الآية " « مَن » : ٱستفهامٌ ، والمعنَىٰ : ومَنْ يزهد فيها ، ويربأ بنفسه عنها إِلا مَنْ سفه نفسه ، والملَّة : الشريعة والطريقَةُ ، وسَفِهَ من السَّفَه الَّذي معناه الرِّقَّة والْخِفَّة ، وٱصطَفَىٰ من الصَّفْوَة ، معناه : تخيَّر الأصْفَىٰ ، ومعنى هذا الاِصطفاءِ ؛ أنه نبأه ، واتَّخذه خليلاً . { وَإِنَّهُ فِى ٱلأَخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } : قيل : المعنى أنه في عمل الآخرة لمن الصالحين ، فالكلام علَىٰ حذف مضافٍ ، { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ } كان هذا القول من اللَّه تعالَىٰ حين ابتلاه بالكوكبِ والقمرِ والشمس ؛ والإِسلامُ هنا على أتمِّ وجوهِهِ ، والضميرُ في « بِهَا » عائدٌ على كلمته التي هي { أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } ، وقيلَ : على الملة ، والأول أصوبُ ؛ لأنه أقرب مذكور . { وَيَعْقُوبُ } : قيل : عطْفٌ على { إِبْرَاهِيمَ } ، وقيل : مقطوعٌ منفردٌ بقوله : { يَا بَنِيَّ } ، والتقدير : ويعقوب قال : يا بَنِيَّ . و { ٱصْطَفَى } هنا : معناه : تخيَّر صفوةَ الأديان . وقوله : { فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } : إِيجاز بليغ ، وذلك أنَّ المقصود من أمرهم بالإِسلام الدوامُ علَيْه ، فأتَىٰ بلفظ موجَزٍ يقتضي المقصودَ ، ويتضمَّن وعظاً وتذكيراً بالموت ، وذلك أن المرء يتحقَّق أنه يموت ، ولا يدري متَىٰ ، فإِذا أمر بأمر لا يأتيه الموت إِلاَّ وهو عليه ، فقد توجَّه من وقت الأمر دائباً لازماً . وقوله تعالى : { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ } هذا الخطابُ لليهودِ والنصارَى الذين ٱنْتَحَلُوا الأنبياءَ - صلوات اللَّه عليهم - ونَسَبوهم إِلَى اليهوديَّة والنصرانية ، فردَّ اللَّه عليهم وكذَّبهم ، وأعلمهم أنهم كانُوا على الحنيفيَّة الإِسلامِ ، وقال لهم على جهة التقريرِ والتوبيخ : أَشهدتُّمْ يعقوبَ بما أوصَىٰ ، فتدَّعُونَ عنْ علْمٍ أَم لم تشهدوا ، بل أنتم تفترُونَ ، « وأم » : للاستفهامِ في صدرِ الكلامِ ، لغةٌ يمانيَةٌ ، وحكى الطبريُّ أنَّ « أَمْ » يستفهم بها في وسط كلامٍ قد تقدَّمَ صدره ، وهذا منه ، و { شُهَدَاءَ } : جمع شاهدٍ ، أي : حاضر ، ومعنى الآية ؛ حضر يعقوبَ مقدِّماتُ الموت . و { مِن بَعْدِي } ، أي : من بَعْدِ مَوْتِي ، ودخل إِسماعيل في الآباء لأنه عَمَّ . " وقد أطلق النبيُّ صلى الله عليه وسلم على العَبَّاس ٱسْمَ الأب ، فقال : « هذا بقية آبائي » ، وقال : « رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي » " الحَدِيثَ ، وقال : " أَنَا ٱبْنُ الذِّبِيحَيْنِ " ، على القول الشهيرِ في أنَّ إِسحاق هو الذبيحُ . * ت * : وفي تشهيره نظَرٌ ، بل الراجحُ أنه إِسماعيل علَىٰ ما هو معلومٌ في موضعه ، وسيأتي إِنْ شاء اللَّه تعالى .