Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 134-138)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ … } الآية ، يعني بالأُمَّةِ الأنبياءَ المذكورينَ ، والمخاطَبُ في هذه الآية اليهودُ والنصارَىٰ ، وقولهم : { كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَـٰرَىٰ تَهْتَدُواْ } نظير قولهم : { لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } [ البقرة : 111 ] ، والحنيف في الدين : الذي مال عن الأديان المكروهة إِلى الحقِّ ، ويجـــيء الحنيفُ في الدين بمعنى المستقيمِ علَىٰ جميع طاعاتِ اللَّهِ . قوله تعالى : { قُولُواْ ءامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَٰهِيمَ وَإِسْمَـٰعِيلَ وَإِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّون مِن رَّبِّهِمْ … } الآية : هذا الخطابُ لأمَّة محمَّد صلى الله عليه وسلم ، { وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا } : يعني القُرْآن ، و { الأَسْبَاطِ } هم ولَدُ يعقوبَ ، وهم : رُوبِيل ، وشَمْعُون ، ولاَوي ، ويَهُوذَا ، وريالُون ، ويشحر ، ودنية بنته ، وأمهم ليا ، ثم خَلَف على أختها رَاحِيل ، فولَدَتْ له يوسُفَ ، وبِنْ يَامِين ، ووُلِدَ له من سُرِّيَّتَيْنِ : ذان ، وتفثالا ، وجاد ، واشر . والسِّبْطُ في بني إسرائيل بمنزلة القبيلة في ولد إسماعيل ، فسُمُّوا الأسباط ؛ لأنه كان من كل واحدٍ منهم سِبْطٌ . وَ { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ } ، أي : لا نؤمن ببعضٍ ، ونكْفُر ببعض ؛ كما تفعلون ، { فَإِنْ ءامَنُواْ بِمِثْلِ مَا ءَامَنتُمْ بِهِ } ، أيْ : فإن صَدَّقوا تصديقاً مثْلَ تصديقكم ، { فَقَدِ اهْتَدَواْ ، وَّإِن تَوَلَّوْاْ } ، أي : أعرضوا ، يعني : اليهودَ والنصارَىٰ ، { فَإِنَّمَا هُمْ فِى شِقَاقٍ } ، أي : في مشاقَّةٍ ومخالفةٍ لَكَ ، هم في شِقٍّ ، وأنت في شِقٍّ ، وقيل : شَاقَّ معناه : شَقَّ كل واحدٍ وصل ما بينَه وبين صاحبه ، ثم وعده تعالَىٰ أنه سيكفيه إِياهم ، ويغلبه عليهم ، فكان ذلك في قَتْل بني قَيْنُقَاعَ ، وبني قريظة ، وإِجلاء النَّضِير . وهذا الوَعْدُ وٱنتجازُهُ من أعلام نبوَّة نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم . و { ٱلسَّمِيعُ } لقولِ كل قائلٍ ، و { ٱلْعَلِيمُ } بما ينفذه في عبادِهِ ، و { صِبْغَةَ ٱللَّهِ } : شريعتُهُ ودينُهُ وسنَّته ، وفطْرته ، قال كَثِيرٌ من المفسِّرين : وذلك أن النصارَىٰ لهم ماءٌ يصبغون فيه أولادهم ، فهذا ينظر إلى ذلك ، وقيل : سمي الدِّين صبغةً ؛ استعارةً من حيث تظهر أعْمَالُهُ وسِمَتُهُ على المتدِّين ؛ كما يظهر الصِّبْغ في الثَّوْب وغيره ، ونصب الصِّبْغة على الإِغراء .