Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 189-192)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالَى : { يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلأهِلَّةِ } ، قال ابنْ عَبَّاس وغيره : نَزلَتْ علَىٰ سؤالِ قَوْمٍ من المسلمين النبيَّ صلى الله عليه وسلم عنِ الهِلاَلِ ، وما فائدةُ مُحَاقِهِ ، وكمالِهِ ، ومخالفته لحالِ الشمْسِ . و { مَوَاقِيتُ } أي : لمحَلِّ الدُّيون ، وانقضاءِ العِدَدِ والأَكْرِيَةِ ، وما أشبه ، هذا من مصالحِ العبادِ ، ومواقيت للحَجِّ أيضاً : يعرف بها وقته وأشهره . وقوله سبحانه : { وَلَيْسَ ٱلْبِرُّ … } الآية : قال البَرَاء بن عَازِبٍ ، والزهْريُّ ، وقتادة : سببها أن الأنصار كانوا إِذا حَجُّوا ، أو ٱعتمروا ، يلتزمون تشرُّعاً ألاَّ يحول بينهم وبَيْن السماء حائلٌ ، فكانوا يتسنَّمون ظهور بيوتِهِم على الجُدُرَاتِ ، وقيل : كانوا يجعلون في ظهور بيوتهم فُتُوحاً يدخلُون منْها ، ولا يدخلون من الأبواب ، وقيل غير هذا ممَّا يشبهه . وقوله تعالى : { وَقَـٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ … } الآيةُ هي أول آية نزلَتْ في الأمر بالقتالِ . قال ابن زَيْد ، والربيعُ : قوله : { وَلاَ تَعْتَدُواْ } أي : في قتالِ مَنْ لم يقاتلْكم ، وهذه الموادَعَةُ منسوخةٌ بقوله تعالى : { وَقَٰتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً } [ التوبة : 36 ] وقال ابن عَبَّاس وغيره : { وَلاَ تَعْتَدُواْ } في قتْلِ النساءِ ، والصبيانِ ، والرهبانِ ، وشبههم ؛ فهي مُحْكَمَةٌ . وقوله تعالى : { وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ … } الآية : قال ابْنُ إِسحاق وغيره : نزَلَتْ هذه الآيةُ في شأنِ عَمْرو بن الحَضْرَمِيِّ ، وواقدٍ ، وهي سَرِيَّةُ عبد اللَّه بن جَحْش ، و { ثَقِفْتُمُوهُمْ } معناه : أحكمتم غلبتهم ، يقال : رَجُلٌ ثَقِفٌ لَقِفٌ ، إِذا كان محكِماً لما يتناوَلُهُ من الأمور . و { أَخْرِجُوهُم } : خطابٌ لجميع المؤمنين ، والضميرُ لكفار قريش . و { ٱلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلْقَتْلِ } ، أي : الفتنةُ التي حملوكم علَيْها ، ورامُوكم بِهَا على الرُّجوع إِلى الكفر - أشدُّ من القتْل ، ويحتمل أن يكون المعنَىٰ : والفتنةُ ، أي : الكفر والضَّلال الذي هم فيه أَشَدُّ في الحَرَمِ ، وأعظم جُرْماً من القتل الَّذي عيَّروكم به في شأن ابْنِ الحَضْرَمِيِّ . وقوله تعالى : { وَلاَ تُقَـٰتِلُوهُمْ عِندَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ … } الآية . قال الجمهورُ : كان هذا ثُمَّ نُسِخَ ، وقال مجاهد : الآية محكمةٌ ، ولا يجوز قتال أحد ، يعني : عند المسجد الحرام ، إِلا بعد أن يقاتل . قلتُ : وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم : " وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ ، وَلَمْ تُحَلَّ لأَحَدٍ بَعْدِي " يقوي قول مجاهد ، وهذا هو الراجحُ عند الإِمام الفَخْر ، وأنَّ الآية محكمةٌ ، ولا يجوز الابتداء بالقتالِ في الحرم . انتهى . قال ابن العَرَبِيِّ في « أحكامه » وقد روى الأئمَّة عن ابن عَبَّاس ؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال يَوْمَ فَتْح مكَّة : " إِنَّ هَذَا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَىٰ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَىٰ إِلَىٰ يَوْمِ القِيَامَةِ ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فِيهَا لأَحَدٍ قَبْلِي ، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ " . فقد ثبت النهْيُ عن القتالِ فيها قُرآناً وسُنَّة ، فإِن لجأ إِليها كافرٌ ، فلا سبيل إِلَيْه ، وأما الزانِي والقاتلُ ، فلا بُدَّ من إِقامة الحَدِّ عليه إِلا أنْ يبتدىء الكافر بالقتَال فيها ، فيقتل بنصِّ القرآن . انتهى . وقرأ حمزة والكسائيّ : « وَلاَ تَقْتُلُوهُمْ عِنْدَ المَسْجِدِ الحَرَامِ حَتَّىٰ يَقْتُلُوكُمْ فِيهِ ، فَإِنْ قَتَلُوكُمْ فَٱقْتُلُوهُمْ » ، أي : فإِن قتلوا منْكم ، والانتهاء في هذه الآية هو الدخولُ في الإِسلام .