Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 1-3)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { الۤمۤ } : اختلف في الحروف التي في أوائل السور على قولَيْنِ ؛ فقال الشَّعْبِيُّ ، وسفيانُ الثوريُّ ، وجماعةٌ من المحدِّثين : هي سر اللَّه في القرآن ، وهي من المتشابه الذي انفرد اللَّه بعلمه ، ولا يجب أن يُتكلَّم فيها ، ولكن يؤمن بها ، وتُمَرُّ كما جاءت ، وقال الجمهور من العلماء ، بل يجب أن يُتكلَّم فيها ، وتلتمس الفوائد التي تحتها ، والمعاني التي تتخرَّج عليها ، واختلفوا في ذلك على اثنَيْ عَشَرَ قولاً . فقال عليٌّ ، وابن عَبَّاس رضي اللَّه عنهما : الحروف المقطَّعة في القرآن : هي اسم اللَّه الأعظم إلا أنا لا نعرف تأليفه منها . وقال ابن عبَّاس أيضًا : هي أسماء اللَّه أقسم بها ، وقال أيضًا : هي حروف تدلُّ على : أَنَا اللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَا اللَّهُ أَرَىٰ ، وقال قومٌ : … هي حسابُ أَبِي جَاد ؛ لتدلَّ على مدَّة ملَّة محمَّد صلى الله عليه وسلم ؛ كما ورد في حديث حُيَـــيِّ بن أَخْطب ، وهو قول أبي العالية وغيره . * ت * : وإِليه مال السُّهَيْلِيُّ في « الرَّوْضِ الأُنُفِ » ، فٱنظره . قوله تعالىٰ : { ذَٰلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } : الاسمُ من « ذَلِكَ » : الذال ، والألف ، واللام ؛ لبعد المشار إليه ، والكاف للخطاب . واختلف في « ذَلِكَ » هنا ؛ فقيل : هو بمعنى « هَذَا » ، وتكون الإشارة إلى هذه الحروف من القرآن ، وذلك أنه قد يشار بذلك إلى حاضرٍ تعلَّق به بعضُ غَيْبَةٍ ، وقيل : هو على بابه ، إِشارةً إِلى غائب . واختلفوا في ذلك الغائب ؛ فقيل : ما قد كان نزل في القرآن ، وقيل غير ذلك ؛ انظره . و { لاَ رَيْبَ فِيهِ } : معناه : لا شَكَّ فيه ، و { هُدًى } : معناه إِرشادٌ وبيانٌ ، وقوله : { لِّلْمُتَّقِينَ } : اللفظ مأخوذ من « وَقَىٰ » ، والمعنى : الذين يَتَّقُونَ اللَّه تعالَىٰ بٱمتثالِ أوامره ، واجتناب معاصيه ، كان ذلك وقايةً بينهم وبين عذابه . قوله تعالَىٰ : { ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلوٰةَ وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ } . { يُؤْمِنُونَ } : معناه يُصَدِّقون ، وقوله : { بِٱلْغَيْبِ } قالت طائفةٌ : معناه : يُصَدِّقون ، إِذا غَابُوا وَخَلَوْا ، لا كالمنافقين الَّذين يؤمنون إذَا حضروا ، ويكْفُرُونَ إِذا غابوا ، وقال آخرون : معناه : يصدِّقون بما غاب عنهم مما أخبرتْ به الشرائعُ ، وقوله : { يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ } معناه : يظهرونها ويثبتونها ؛ كما يقال : أُقِيمَتِ السُّوقُ . * ت * : وقال أبو عبد اللَّه النَّحْوِيُّ في ٱختصارِهِ لتفسيرِ الطَّبَرِيِّ : إِقامة الصلاة إتمام الركوع ، والسجود ، والتلاوة ، والخشوع ، والإِقبال عليها . انتهى . قال : * ص * : يقيمون الصلاةَ من التقويمِ ؛ ومنه : أَقَمْتُ العُودَ ، أو الإِْدَامَةِ ؛ ومنه : قامتِ السُّوقُ ، أو التشميرِ والنهوضِ ؛ ومنه : قام بالأمر . انتهى . وقوله تعالى : { وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ } : الرزْقُ عند أهل السنة ما صَحَّ الانتفاع به ، حلالاً كان أو حرامًا ، و { يُنفِقُونَ } : معناه هنا : يؤْتُونَ ما ألزمهُمُ الشرعُ من زكاةٍ ، وما ندبهم إِلَيْهِ من غير ذلك .