Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 224-225)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلاَ تَجْعَلُواْ ٱللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَـٰنِكُمْ … } الآية : مقصد الآيةِ : ولا تُعرِّضوا اسم اللَّهِ تعالَىٰ ، فتكثروا الأيمان به ، فإِن الحِنْثَ يقع مع الإِكثار ، وفيه قِلَّة رَعْيٍ لحقِّ اللَّه تعالى . وقال الزجَّاج وغيره : معنى الآيةِ : أنْ يكون الإِنسان ، إِذا طُلِبَ منه فعْلُ خيرٍ ونحوه ، ٱعتلَّ باللَّه ، وقال : عليَّ يمينٌ ، وهو لم يحلفْ . وقوله : { عُرْضَةً } ، قال ابن العربيِّ في « أحكامه » : ٱعْلَمْ أنَّ بناء عرض في كلامِ العربِ يتصرَّف علَىٰ معانٍ مرجعُها إِلى المَنْع ؛ لأنَّ كلَّ شيء عرضٌ ، فقد منع ، ويقال لما عرض في السَّمَاء من السحَابِ عَارِضٌ ؛ لأنه يمنع من رؤيتها ، ومن رؤية البدْرَيْن ، والكواكبِ . انتهى . و { أَن تَبَرُّواْ } : مفعولٌ من أجله ، والبِرُّ : جميع وجوه البرِّ ، وهو ضِدُّ الإِثم - و { سَمِيعٌ } ، أي : لأقوالِ العبادِ - { عَلِيمٌ } : بنياتهمْ ، وهو مُجَازٍ على الجميع ، واليمين : الحَلِفُ ، وأصله أنَّ العَرَب كانت إِذا تحالَفَت ، أو تعاهَدَت ، أخذ الرجل يمينَ صاحبه بيمينه ، ثم كَثُر ذلك حتَّىٰ سمي الحلف والعَهْد نفسه يميناً . وقوله تعالى : { لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱلَّلغْوِ فِي أَيْمَـٰنِكُمْ } : اللَّغْو : سَقَطُ الكلامِ الَّذي لا حُكْم لَه . قال ابنُ عَبَّاس ، وعائشَةُ ، والشَّعْبِيُّ ، وأبو صالِحٍ ، ومجاهد : لَغْو اليمينِ : قولُ الرجلِ في دَرْجِ كلامِهِ وٱستعجالِهِ في المحاورة : لا واللَّهِ ، وبَلَىٰ وَاللَّهِ ، دون قصدٍ لليمينِ ، وقد أسنده البخاريُّ عن عائشة . وقال أبو هريرة ، والحَسَن ، ومالكٌ ، وجماعة : لغو اليمين : ما حلف به الرجُلُ على يقينه ، فكشف الغيبُ خلافَ ذلك . * ع * : وهذا اليقينُ هو غلبة الظَّنِّ . وقال زيدُ بْنُ أسْلَمَ : لغو اليمينِ : هو دعاءُ الرجلِ على نَفْسه . وقال الضَّحَّاك : هي اليمينُ المكفَّرة . وحكى ابنُ عبد البَرِّ قَولاً ؛ أن اللغو أيمانُ المُكْرَهِ . قال : * ع * : وطريقةُ النَّظَر أن تتأمَّل لفظة اللغْو ، ولفظة الكَسْب ، ويُحَكَّم موقعهما في اللغة ، فكَسْب المرء ما قَصَده ، ونواه ، واللَّغْوُ : ما لم يتعمَّده ، أو ما حقُّه لهجنته أن يسقط ، فيقوَّى على هذه الطريقة بعْض الأقوال المتقدِّمة ، ويضعَّف بعضها ، وقد رفع اللَّه عز وجَلَّ المؤاخذة بالإِطلاق في اللَّغْو ، فحقيقته : ما لا إِثم فيه ، ولا كفارة ، والمؤاخذةُ في الأيمان هي بعقوبةِ الآخِرَةِ في الغَمُوس المَصْبُورة ، وفيما تُرِكَ تكفيره ممَّا فيه كفَّارة ، وبعقوبة الدنيا في إِلزام الكفَّارة ، فيضعَّف القول بأنها اليمين المكفَّرة ؛ لأن المؤاخذة قد وَقَعَتْ فيها ، وتخصيصُ المؤاخذة ؛ بأنها في الآخرة فقَطْ تحكُّم . * ت * : والقولُ الأوَّل أرجح ، وعليه عَوَّل اللَّخْميُّ وغيره . وقوله تعالى : { وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ } . قال ابن عبَّاس وغيره : ما كسب القلْبُ هي اليمينُ الكاذبة الغموسُ ، فهذه فيها المؤاخذة في الآخرةِ ، أي : ولا تكفّر . * ع * : وسمِّيت الغَمُوسَ ؛ لأنها غَمَسَتْ صاحِبَها في الإِثم ، و { غَفُورٌ حَلِيمٌ } : صفتان لائقتان بما ذكر من طَرْح المؤاخذة ، إِذ هو بابُ رفْقٍ وتوسعة .