Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 1-1)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَـٰبُهُمْ … } الآية : رُوي أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يبني جِدَاراً ، فمر به آخرُ يومَ نزول هذه السورة ، فقال الذي كان يبني الجدارَ : ماذا نزل اليوَم من القرآن ؟ فقال الآخر : نزل اليومَ { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاس حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ } فنفض يديه من البُنْيان ، وقال : واللَّهِ لا بَنَيْتُ ، قال أبو بكر بنُ العربي : قال لي شَيُخِي : في العبادة لا يذهب لك الزمان ؛ في مُصَاولةِ الأقران ؛ ومُوَاصلة الإِخَوان ، ولم أرَ للخلاص شيئاً أقرب من طريقين . إمَّا أن يغلق الإنسان على نفسه بابه ، وإما أن يخرج إلى مَوْضِعٍ لا يُعرفُ فيه ، فإن ٱضْطرّ إلىٰ مخالطة الناس ، فَلْيَكُنّ معهم ببدنه ، ويفارقهم بقلبه ولسانه ، فإنْ لم يستطِعْ ، فبقلبه ، ولا يفارق السكوتَ . قال القُرْطُبِيَّ : ولأَبي سليمان الخَطَابِيّ في هذا المعنى : [ الوافر ] @ أَنِسْتُ بِوَحْدَتِي وَلَزِمْتُ بَيْتِي فَدَامَ الأُنْسُ لِي وَنَمَا السُّرُورُ وأَدَّبَنَي الزَّمَانُ فَلاَ أُبَالِي بِـــأَنِّــــي لا أُزَارُ وَلاَ أَزَوُرُ وَلَسْتُ بِسَائِلٍ مَا دُمْتُ حَــيًّــا أَسَارَ الْجَيْشُ أَمْ رَكِبَ الأَمِيرُ @@ انتهى من « التذكرة » . وقوله : { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ } عامٌ في جميع الناس ، وإن كان المشارُ إليه في ذلك الوقت كفار قريش ؛ ويدل على ذلك ما يأتي بعدُ من الآيات . قال * ص * : اقترب : بمعني الفعل المجرّد وهو قَرُبَ ، وقيل : اقترب أبلغ : للزيادة { وهُمْ فِي غَفْلَةٍ } الواو للحال ، انتهى . وقوله : { وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ } يريدُ : الكفار ، ويأخَذ عصاة المؤمنينَ من هذه الألفاظ قِسْطَهم . * ت * : أَيُّها الأَخُ أَشْعرِ قلبك مَهَابَةَ رَبِّك ، فإليه مآلك ؛ وتأهب للقدوم عليه ؛ فقد ، أنَ ٱرتحالك ؛ أنت في سكرة لذاتِك ؛ وغشية شهواتكِ ؛ وإغماء غفلاتِك ؛ ومِقْراضُ الفناء يعمل في ثوب حياتك ؛ ويفصل أجزاء عمرك جُزْءاً جزءاً في سائر ساعاتك ؛ كل نفس من أنفاسك جزءٌ منفصل من جملة ذاتك وبذهاب الأجزاء تذهبُ الجمل ، أنت جملة تؤخذ ، آحادها وأبعاضها ، إلى أن تستوفي سائرها عساكر الأقضية ، والأقدار مُحْدقة بأسوار الأَعمار ؛ تهدمُها بمعاول الليل والنهار ؛ فلو أضاء لنا مِصْباحُ الاعتبار ؛ لم يبقَ لنا في جَمِيع أوقاتنا سكونٌ ولاَ قَرار . انتهى من « الكلم الفارقية والحكم الحقيقة » .