Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 27-33)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه وتعالى : { لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ } عبارةٌ عن حُسْن طاعتهم ومُرَاعَاتِهمْ لامتثالِ الأمر ، ثم أَخْبَرَ تعالى : أَنَّهُم لا يشفعون إلاَّ لِمَنِ ارتضى اللَّه أَنْ يشْفَعَ له ، قال بعضُ المفسرين : لأَهْلِ لا إله إلاّ اللَّه ، والمُشْفِقُ : المُبَالِغُ في الخوفِ ، المُحْتَرِقُ النَّفْسِ من الفَزَع على أَمْرٍ ما . وقوله سبحانه : { وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّيۤ إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ … } الآية , المعنى : وَمَنْ يَقُلْ منهم كذا أَنْ لو قاله ، وليس منهم مَنْ قال هذا ، وقال بَعْضُ المفسرين : المراد بقوله : { وَمَن يَقُلْ … } الآية : إبْلِيسُ ، وهذا ضعيفٌ ؛ لأَنَّ إبَلِيسِ لم يُرْوَ قَطُّ أَنَّهُ ادَّعَى الرُّبِوبِيَّة ، ثم وَقَفَهُمْ سبحانه على عِبْرَةٍ دَالَّةٍ على وَحْدَانِيَّتِهِ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ ، فقال : { أَوَلَمْ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً } ، والرَّتْقُ : المُلْتَصِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، الذي لا صَدْعَ فيه ولا فَتْحَ ، ومنه : امرأةٌ رتْقَاءُ ، واخْتُلِفِ في معنى قوله : { كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا } فقالت فِرْقَةٌ : كانت السماءُ مُلْتَصِقَةً بالأَرض ففتقها اللّهُ بالهواء ، وقالت فرقةٌ : كانت السمواتُ ملتصقةً بَعْضَهَا ببعضٍ ، والأرضُ كذلك ففتقهما اللّه سبعاً سبعاً ؛ فعلى هذين القولين فالرُّؤيَةُ الموقَفِ عليها رؤيةُ قلبٍ ، وقالت فرقةٌ : السماءُ قبل المَطَرَ رَتْقٌ ، والأَرضُ قبل النباتِ رَتْقٌ ففتقهما اللّه تعالى بالمَطَرِ والنَّبَاتِ ؛ كما قال تعالى : { وَٱلسَّمَاءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ * وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ } [ الطارق : 11 ، 12 ] . وهذا قولٌ حَسَنٌ يَجْمَعُ العِبْرَةَ وتعديدَ النعمةِ والحُجَّةِ بِمحسوسٍ بَيِّنٍ ، ويُنَاسِبُ قوله تعالى : { وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ } ، أي : من الماءِ الذي كان عَن الفَتْقِ ، فَيَظْهَرُ معنى الآية ، ويتوجَّهُ الاعتبارُ بها ، وقالت فرقة : السماءُ والأَرْضُ رَتْقٌ بالظُّلْمَةِ ففتقهما اللّه بالضَّوْءِ ؛ والرُّؤْيَةِ على هذين القولين رُؤْيَةُ العَيْنِ ، وباقي الآية بَيِّنٌ . قال * ص * : قال الزَّجَّاجُ : السمواتُ جَمْعٌ أُرِيدَ به الواحد ؛ ولذا قال : { كَانَتَا رَتْقاً } . وقال الحُوفِيُّ : « قال : { كَانَتَا } والسمواتُ جَمْعٌ - : لأَنَّهُ أرادَ الصنفين » انتهى . وقوله : { سَقْفاً مَّحْفُوظاً } الحِفْظُ هنا عامٌّ في الحِفْظِ من الشيطان ، ومن الوهي والسُّقُوطِ ، وغير ذلك من الآفاتِ ، والفَلَكُ : الجسمُ الدَّائرُ دَوْرَةَ اليومِ والليلةِ . و { يَسْبَحُونَ } معناه : يَتَصَرَّفُونَ ، وقالت فرقة : الفَلَكُ مَوْجٌ مكفوفٌ ، قوله : { يَسْبَحُونَ } من السِّبَاحَةِ وهي : العَوْمُ .