Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 64-70)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ } ، أي : في توقيف هذا الرجل على هذا الفعلِ وأَنتم معكم من تسألون ثم رأوا ببديهة العقل أنَّ الأصنام لا تنطق ، فقالوا لإبراهيمَ حين نكسوا في حيرتهم : { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ } ، فوجد إبراهيمُ عليه السلام عند هذه المقالة موضعَ الحُجَّةِ ووقفهم مُوَيبِّخاً لهم بقوله : { أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً … } الآية . ثم حَقَّرَ شأنهم وشأنها بقوله : { أُفّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ … } الآية . * ص * : وقولهم : { لَقَدْ عَلِمْتَ } : جواب قَسَمٍ محذوف معمول لقول محذوف في موضع الحال ، أي : قائلين ، لقد علمت . انتهى . وقال الثعلبي : { فَرَجَعُواْ إِلَى أَنفُسِهِمْ } ، أي : تفكروا بعقولهم فقالوا : ما نراه إلاَّ كما قال ، إنكُم أنتم الظالمون في عبادتكم الأَصنامَ الصغارَ مع هذا الكبير . اهـــ . وما قدمناه عن * ع * هو الأَوْجَهُ و { أُفٍّ } لفظة تُقال عند المُسْتَقْذَرَاتِ من الأَشياءِ ، ويُسْتَعَارُ ذلك للمُسْتَقْبَح من المعاني ، ثم أخذتهم العِزَّةُ بالإثم وانصرفوا إلى طريق الغلبة والغشم ، فقالوا : { حَرِّقوه } ؛ رُوِيَ : أَنَّ قائل هذه المقالة هو رجل من الأَكْرَادِ من أعرابِ فارس ، أي : من باديتها ، فَخَسَفَ اللَّه به الأَرض ، فهو يتجلجلُ فيها إلى يومِ القيامة ، وروي : أَنه لما أجمع رأيهم على تحريقه حَبَسَهُ نمرودُ الملكُ ( لعنه اللَّه ) وأَمر بجمع الحَطَبِ حتى اجتمع منه ما شاءَ اللَّه ، ثم أضرم ناراً فيما أرادوا طرحَ إِبراهيمَ فيها لم يقدروا على القرب منها ، فجاءهم إبليسُ في صورة شيخ فقال لهم : أنا أصنع لكم آلةً يُلْقَى بها ، فَعَلَّمَهُمْ صنعة المِنْجَنِيقِ ، ثم أُخْرِجَ إبراهيمُ عليه السلام فشد رباطاً ووُضِعَ في كفَّةِ المنجنيق ورُمِيَ به , فتلقَّاهُ جبريلُ - عليه السلام - في الهواءِ فقال له : ألك حاجة ؟ فقال : أمَّا إليك فلا ، وأَمَّا إلى اللَّه فبلى . قلت : قال ابنُ عطاء اللَّه في « التنوير » : وكنْ أَيُّها الأَخْ إبراهيميّاً ؛ إذْ زُجَّ به في المنجنيق ، فتعرَّض له جبريل فقال : ألك حاجة ؟ فقال : أما إليك فلا ، وأما إلى ربي ، فبلى ، قال : فَاسْأَلْهُ . قال : حسبي من سؤالي علمه بحالي ، فانظرْ كيف رفع هِمَّتَهُ عن الخلق ، ووجَّهَهَا إلى الملك الحقِّ ، فلم يستغث بجبريل ، ولا احتال على السؤال ، بل رأى رَبَّهُ تعالى أقربَ إليه من جبريل ومن سؤاله ؛ فلذلك سَلَّمَهُ من نمرودَ ونكَالِهِ ، وأنعم عليه بنواله وأفضاله . انتهى . وقوله سبحانه : { قُلْنَا يَٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَـٰماً } قال بعض العلماء فيما روي : إنَّ اللَّه تعالى لو لم يقلْ : { وَسَلَـٰماً } لهلك إبراهيمُ من برد النارِ ، ورُوِيَ أَنَّه لما وقع في النار سَلَّمَهُ اللَّه ، واحترق الحبل الذي رُبِطَ به ، وقد أَكثر الناس في قصصه فاختصرناه ؛ لعدم صِحَّة أكثره ، وروي : أَنَّ إبراهيمَ عليه السلام كان له بسط وطعام في تلك النارِ كُلُّ ذلك من الجنة ، وروي : أَنَّ العيدانَ أينعت وأثمرت له هناك ثمارَها ، ورُوِيَ : أنهم قالوا : إنَّ هذه نار مسحورة ، لا تحرق ، فرموا فيها شيخاً منهم فاحترق ، ، واللَّه أعلم بما كان من ذلك . قلت : قال صاحب « غاية المغنم في اسم الله الأعظم » وهو من الأئمة المحدثين ، وعن الإمام أَحمدَ بنِ حَنبلَ رحمه اللَّه : إنه يُكْتَبُ للمَحْمُومِ ويُعَلَّقُ عليه : بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، با اللَّه يا اللَّه محمد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، { يَٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ } ، اللهم ربَّ جبريل وميكائيل اشْفِ حاملها بحولك وقوتك وجبروتك يا أرحمَ الراحمين » انتهى . وقوله : { وَسَلَـٰماً } معناه : وسلامةً ، و « الكَيْدُ » : هو ما أرادوه من حرقه .