Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 19-22)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { هَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ … } الآية ، نزلت هذه الآيةُ في المتبارزين يوم بدر ، وهم سِتَّةُ نفر : حَمْزَةُ ، وعَلِيٌّ ، وعبيدة ابنُ الحارث ( رضي اللّه عنهم ) بَرَزُوا لعتبةَ بنِ ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وشيبة بن ربيعة ، قال علي بن أبي طالب : أنا أَوَّلُ مَنْ يجثو يوم القيامة للخصومة بين يدي اللّه تعالى ، وأقسم أَبو ذَرٍّ على هذا القولِ ووقع في « صحيح البخاريِّ » ( رحمه اللّه تعالى ) : أَنَّ الآيةَ فِيهم ، وقال ابن عباس : الإِشارة إلى المؤمنين وأَهْلِ الكتاب ؛ وذلك أَنَّهُ وقع بينهم تخاصم ، فقالتِ اليهودُ : نحن أقدمُ دِيناً منكُم ، ونحو هذا ؛ فنزلت الآية ، وقال مجاهد وجماعة : الإِشارة إلى المؤمنين والكُفَّارِ على العموم . قال * ع * : وهذا قولَ تَعْضُدُهُ الآية ؛ وذلك أنه تَقَدَّمَ قولُه : { وَكَثِير مِن ٱلنَّاسِ } المعنى : هم مؤمنون ساجدون ، ثم قال تعالى : { وَكَثِير حَق عَلَيهِ ٱلعَذَاب } ، ثم أشار إلى هذين الصنفين بقوله : { هَـٰذَانِ خَصْمَانِ } والمعنى : أَن الإيمانَ وأهله ، والكفرَ وأهله ـــ خصمان مذ كانا إلى يوم القيامة بالعداوة والجدال والحرب ، وخصم مصدر يُوصَفُ به الواحد والجمع ، ويَدُلُّ على أَنه أراد الجمع قوله : { ٱخْتَصَمُواْ } ؛ فإنه قراءة الجمهور وقرأ ابن أبي عبلة : « اخْتَصَمَا » . * ت * : وهذه التأويلاتُ مُتَّفِقَاتٌ في المعنى ، وقد ورد أَنَّ أَوَّلَ ما يُقضى به بين الناس يوم القيامة في الدماء ، ومن المعلوم أَنَّ أَوَّلَ مبارزة وقعت في الإسلام مبارزة عَليٍّ وأصحابه ، فَلاَ جَرَمَ كانت أَوَّلَ خصومة وحكومة يوم القيامة ؛ وفي « صحيح مسلم » عنه صلى الله عليه وسلم : " نَحْنُ الآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ، وَالأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؛ المَقْضِيِّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلاَئِقِ " وفي رواية : " المَقْضِيِّ بَيْنَهُمْ " . وقوله : { فِي رَبِّهِم } أي : في شأن ربهم وصفاته وتوحيده ، ويحتمل في رِضَى ربهم وفي ذاته . وقال * ص * : { فِي رَبِّهِم } أي : في دين ربهم ، انتهى ، ثم بَيَّنَ سبحانه حكم الفريقين ، فتوعَّدَ تعالى الكُفَّارَ بعذابه الأليم ، و { قُطِّعَتْ } معناه جُعِلَتْ لهم بتقدير كما يُفَصَّلُ الثوبُ ، وروي : أَنَّها من نُحَاسٍ ، و { يُصْهَرُ } معناه : يُذَابُ ، وقيل : معناه : ينضج ؛ قيل : إن الحميم بحرارته يُهْبِطُ كلَّ ما في الجوف ويكشطه ، ويسلته ، وقد روى أبو هريرةَ نحوَهُ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : " أَنَّهُ يُسْلِتُهُ ، وَيَبْلُغُ بِهِ قَدَمَيْهِ ، وَيُذِيبُهُ ثُمَّ يُعَادُ كَمَا كَانَ " . وقوله سبحانه : { كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها } رُوِيَ فيه : أَنَّ لهب النار إذا ارتفع رفعهم ؛ فيصلون إلى أبواب النار ، فيريدون الخروج ، فتردهم الزَّبَانِيَةُ بمقامعِ الحديد ، وهي المقارع .