Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 11-18)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ … } الآية نزلت في أعراب ، وقوم لا يَقِينَ لهم ؛ كان أحدُهم إذا أسلم فاتفق له اتفاقاتٌ حِسَانٌ : من نموِّ مال ، وولد يُرْزَقُهُ ، وغير ذلك ـــ قال : هذا دِينٌ جَيِّدٌ ، وتمسك به لهذه المعاني ، وإنْ كان الأمر بخلاف ذلك ، تشاءَم به ، وارتد ؛ كما فعل العُرَنِيون ، قال هذا المعنى ابن عباس وغيره . وقوله : { عَلَىٰ حَرْفٍ } معناه : على انحرافٍ منه عن العقيدة البيضاء ، وقال البخاريُّ : { عَلَىٰ حَرْفٍ } : على شَكٍّ ، ثم أسند عن ابن عباس ما تقدم من حال الأعراب ، انتهى . وقوله : { يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُ } يريد الأوثانَ ، ومعنى { يَدْعُواْ } : يعبد ، ويدعو أيضاً في مُلِمَّاتِهِ ، واللام في قوله : { لَمَن ضَرُّهُ } : لام مُؤْذِنَةٌ بمجيء القسم ، والثانية في { لَبِئْسَ } : لام القسم ، و { ٱلْعَشِيرُ } : القريب المُعَاشِرُ في الأُمور . وفي الحديث في شأن النساء : " وَيَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ " يعني الزوج . قال أبو عمر بن عبد البر : قال أهل اللغة : العشير : الخليط من المعاشرة والمخالطة ، ومنه قوله عز وجل : { لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ } . انتهى من « التمهيد » ، والذي يظهر : أَنَّ المراد بالمولى والعشير هو الوثن الذي ضَرُّهُ أقرب من نفعه ، وهو قول مجاهد ، ثم عَقَّبَ سبحانه بذكر حالة أهل الإيمان وذكر ما وعدهم به فقال : { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جَنَـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ … } الآية ، ثم أَخذتِ الآية في توبيخ أولئك الأولين كأنه يقول : هؤلاء العابدون على حرف صحبهم القلق ، وظَنُّوا أَنَّ اللّه تعالى لن ينصرَ محمداً وأتباعه ، ونحن إنَّما أمرناهم بالصبر وانتظارِ وعدنا ، فَمَنْ ظَنَّ غير ذلك فليمدد بسبب ، وهو الحبل وليختنق هل يذهب بذلك غيظه ؟ قال هذا المعنى قتادة ، وهذا على جهة المَثَلِ السائر في قولهم : « دُونَكَ الحَبْلُ فَاخْتَنِقْ » ، و { ٱلسَّمَاءِ } على هذا القول : الهواء عُلُوّاً ، فكأَنه أراد سقفاً أو شجرة ، ولفظ البخاري : وقال ابن عباس : « بسبب إلى سَقْفِ البيتِ » ، انتهى ، والجمهورُ على أنَّ القطع هنا هو الاختناق . قال الخليل : وقطع الرجل : إذا اختنق بحبل ونحوه ، ثم ذكر الآية ، ويحتمل المعنى مَنْ ظَنَّ أَنَّ محمداً لا ينصر فليمت كمداً ؛ هو منصور لا محالَة ، فليختنق هذا الظانُّ غيظاً وكمداً ، ويؤيد هذا : أَنَّ الطبري والنقاش قالا : ويُقال : نزلت في نفر من بني أَسَدٍ وغَطَفَانَ ، قالوا : نخاف أَلاَّ يُنصرَ محمد ؛ فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من يهودٍ من المنافع ، والمعنى الأَوَّلُ الذي قيل للعابدين على حرف ـــ ليس بهذا ؛ ولكنه بمعنى : مَنْ قلق واستبطأ النصر ، وظَنَّ أن محمداً لا يُنْصَرُ فليختنق سفاهةً ؛ إذ تعدَّى الأمرُ الذي حد له في الصبر وانتظار صنع اللّه ، وقال مجاهد : الضمير في { يَنصُرَهُ } عائدٌ على { مَنْ } والمعنى : مَنْ كان من المتقلّقين من المؤمنين ، ، وما في قوله : { ما يغيظ } بمعنى الذي ، ويحتمل أنْ تكونَ مصدرية حرفاً ؛ فلا عائد عليها ، وأبينُ الوجوه في الآية : التأويل الأَوَّلُ وباقي الآية بيّن . وقوله : { وَكَثِيرٌ مِّنَ ٱلنَّاسِ } ، أي : ساجدون مرحومون بسجودهم ، وقوله : { وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ } مُعَادِلٌ له ، ويؤيد هذا قوله تعالى بعد هذا : { وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ } الآية .