Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 32-35)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَـٰئِرَ ٱللَّهِ } التقدير في هذا الموضع : الأمر ذلك ، و { الشعائر } جمع شعيرة وهي كُلُّ شيء للّه عز وجل فيه أمر أشعر به وأعلم . قال الشيخ ابن أبي جمرة : { وَمَن يُعَظِّمْ شَعَـٰئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ } قال تعظيمُ شعائِرِ اللّهِ ، كان من البقع أو من البشر أو مِمَّنْ شاء اللّه تعالى ـــ زيادَةٌ في الإيمان وقوة في اليقين . انتهى . وقال العراقي في أرجوزته : [ الرجز ] @ أَعْلاَمُ طَاعَةٍ هِيَ الشَّعَائِر … @@ البيت . وقالت فرقة : قصد بالشعائر في هذه الآية الهَدْيُ والأنعام المشعرة ، ومعنى تعظيمها التسمين والاهتبال بأمرها ، قاله ابن عباس وغيرُه ، ثم اخْتَلَفَ المتأوِّلُون في قوله سبحانه : { لَكُمْ فِيهَا مَنَـٰفِعُ … } الآية : فقال مجاهد وقتادة : أراد أنَّ للناس في أنعامهم منافِعَ من الصُّوف ، واللَّبَن ، والذبح للأكل ، وغيرِ ذلك ما لم يبعثها رَبُّها هدياً ، فَإذا بعثها فهو الأجل المُسَمَّى ، وقال عطاء : أراد لكم في الهدي المبعوثِ منافِعُ ، من الركوب ، والاحتلاب لمن اضطر ، والأجل نحرها ، وتكون « ثم » من قوله : { ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } لترتيب المحل ؛ لأَنَّ المَحِلَّ قبل الأجل ، ومعنى الكلام عند هذين الفريقين : ثم مَحِلَّها إلى موضع النحر ، وذكر البيت ؛ لأنَّه أشرفُ الحرم ، وهو المقصود بالهدي وغيره . وقال ابن زيد ، والحسن ، وابن عمر ، ومالك : الشعائر في هذه الآية : مواضِعُ الحج كُلُّها ومعالمه بمنى ، وَعَرَفَةَ ، والمزدلفة ، والصَّفَا والمروة ، والبيت وغير ذلك ، وفي الآية التي تأتي أَنَّ البُدنَ من الشعائر ، والمنافِعُ : التجارة وطلب الرزق أوِ الأجر والمغفرة ، والأجل المُسَمَّى : الرجوعُ إلى مكة لطواف الإفاضة ، ومَحِلُّها مأخوذٌ من إحلال المحرم ، والمعنى : ثم أُخِّروا هذا كله إلى طواف الإفاضة بالبيت العتيق ، فالبيتُ على هذا التأويل مُرَادٌ بنفسه ، قاله مالك في « الموطإ » . * ت * وأظهرُ هذه التأويلات عندي تأويلُ عطاءٍ ، وفي الثالث بعضُ تكلُّفٍ ، ثم أخبر تعالى أنه جعل لكل أُمة من الأُمم المؤمنة منسكاً ، أي : موضعَ نُسُكٍ وعبادة ، هذا على أَنَّ المنسك ظرف ، ويحتملُ أَنْ يريد به المصدر كأنه قال : عبادة ، والناسِكِ العابد . وقال مجاهد : سُنَّةً في هراقة دماء الذبائح . وقوله : { لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ } معناه أمرناهم عند ذبائحهم بذكر اللّه ، وأن يكون الذبح له ؛ لأَنَّهُ رازق ذلك ، وقوله : { فَلَهُ أَسْلِمُواْ } أي : آمنوا ، ويحتمل أَنْ يريد استسلموا ، ثم أمر سبحانه نَبيَّه صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَشِّرَ بشارةً على الإطلاق ، وهي أبلغ من المفسرة ؛ لأنها مُرْسَلَةٌ مع نهاية التخيل للمخبتين المتواضعين الخاشعين المؤمنين ، والخبت ما انخفض من الأَرض ، والمُخْبِتُ المتواضع الذي مَشْيُهُ متطامن كأنه في حدورٍ من الأرض ، وقال عمرو بن أوس : المخبتون الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لم ينتصروا . قال * ع * : وهذا مثال شريف من خُلُقِ المؤمن الهيّنِ الليِّنِ ، وقال مجاهد : هم المطمئنون بأمر اللّهِ تعالى ، ووصفهم سبحانه بالخوفِ والوَجَلِ عند ذكر اللّه تعالى ، وذلك لِقُوَّةِ يقينهم ومراقبتهم لربهم ، وكأنهم بين يديه جلَّ وعلا ، ووَصَفَهُم بالصبر وبإقامة الصلاة وإدامتها ، ورُوِيَ : أَنَّ هذه الآية قوله : { وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ } نزلت في أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليٍّ ( رضي اللّه عنهم أجمعين ) .