Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 52-52)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى ٱلشَّيْطَـٰنُ فِي أُمْنِيَّتِهِ … } الآية . قلت : قال القاضي أبو الفضل عياض : وقد توجهت ها هنا لبعض الطاعنين سُؤَالاتٍ منها ما رُوِيَ مِنْ " أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ سورة « والنجم » وقال : { أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى } [ النجم : 19 ، 20 ] قال : تِلْكَ الْغَرَانِيقُ العُلَىٰ ، وإنَّ شَفَاعَتَهَا لَتُرْتَجَىٰ " . قال عياض : اعلم ( أكرمك اللّه ) أَنَّ لنا في الكلام على مشكل هذا الحديث مأخذين : أحدهما : في توهين أصله . والثاني : على تقدير تسليمه . أما المأخذ الأَوَّلُ : فيكفيك أنَّ هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ، ولاَ رَوَاهُ ثقة بسند مُتَّصِلٍ سليم ؛ وإنما أولع به وبمثله المُفَسِّرُون والمؤرِّخُونَ المُولَعُونَ بكل غريب ، المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم ، وصدق القاضي أبو بكر ابن العلاء المالكيُّ ( رحمه اللّه تعالى ) حيث يقول : لقد بُلِيَ الناسُ ببعض أهل الأهواء والتفسير ، ثم قال عياض : قال أبو بكر البَزَّارُ : هذا الحديث لا نعلمه يُرْوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد مُتَّصل يجوزُ ذكرُه ؛ وإنَّما يُعْرَفُ عن الكلبيِّ ، قال عياض : والكلبيُّ مِمَّنْ لا تجوز الرواية عنه ولا ذِكْرُهُ ؛ لقوَّةِ ضعفه وكذبه ، كما أشار إليه البَزَّارُ ، وقد أجمعت الأمة على عصمته صلى الله عليه وسلم ونزاهته عن مثل هذا ، انتهى ، ونحو هذا لابن عطية قال : وهذا الحديث الذي فيه : هن الغرانقة وقع في كتب التفسير ونحوها ، ولم يُدْخِلْهُ البخاريُّ ولا مسلم ، ولا ذكره ـــ في علمي ـــ مُصَنِّفٌ مشهور ؛ بل يقتضي مذهبُ أهل الحديث أَنَّ الشيطان ألقى ولا يعينون هذا السَّبَبَ ولا غيره . قال * ع * : وحدثني أَبي ( رحمه اللّه تعالى ) أَنَّهُ لَقِيَ بالمشرق من شيوخ العلماء والمتكلمين مَنْ قال : هذا لا يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم في التبليغ ؛ وإنَّما الأمرُ يعني على تقدير صحَّته ـــ أَنَّ الشيطان نَطَقَ بلفظ أُسْمِعَهُ الكُفَّارُ عند قول النبي صلى الله عليه وسلم : { أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى } [ النجم : 19 ، 20 ] . وقَرَّبَ صوته من صوتِ النبي صلى الله عليه وسلم حتى التبس الأمر على المشركين ، وقالوا : محمد قرأها ، هذا على تقدير صحته ، وقد رُوِيَ نحوُ هذا التأويل عن الإمام أبي المعالي . قلت : قال عياض : وقد أعادنا اللّه من صِحَّتِهِ ، وقد حكى موسى بن عقبة في « مغازيه » نحوَ هذا ، وقال : إنَّ المسلمين لم يسمعوها ، وإنما ألقى الشيطانُ ذلك في أسماع المشركين ، ومعنى قوله تعالى : { تَمَنَّىٰ } أي : تلا ومنه قوله تعالى : { لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَـٰبَ إِلاَّ أَمَانِيَّ } [ البقرة : 78 ] . أي : تلاوة ، { فَيَنسَخُ ٱللَّهُ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَـٰنُ } أي : يُذْهِبُهُ ، ويزيل اللبس به ويُحكمُ آياته ، وعبارة البخاريِّ : وقال ابن عباس : { إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى ٱلشَّيْطَـٰنُ فِي أُمْنِيَّتِهِ } ، أي : إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه ، فيبطل اللّه ما يلقى الشيطان ويحكم آياته ، ويقال : { أُمْنِيَّتِهِ } : قراءته انتهى . قال عياض : وقيل : معنى الآية هو ما يقع للنبي صلى الله عليه وسلم من السهو إذا قرأ فيتنبه لذلك ، ويرجعُ عنه ، انتهى .