Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 5-7)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله عز وجل : { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مّنَ ٱلْبَعْثِ … } الآية : هذا احتجاجٌ على العالم بالبدأة الأُولى ، وضَرَبَ سبحانه وتعالى في هذه الآية مَثَلَيْنِ ، إذا اعتبرهما الناظر جَوَّزَ في العقل البعثة من القبور ، ثم وَرَدَ الشرعُ بوقوع ذلك . وقوله : { فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ } يريدُ آدم عليه السلام . { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } يريد : المنيَّ والنطفة : تقع على قليلِ الماءِ وكثيره . { ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } يريدُ : من الدم الذي تعودُ النطفةُ إليه في الرحم أو المقارن للنطفة ، والعَلَقُ الدمُ الغليظ ، وقيل : العلق الشديد الحُمْرَة . { ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ } يريد مضغة لحم على قدر ما يمضغ . وقوله : { مُّخَلَّقَةٍ } معناه : مُتَمَّمَةٌ ، { وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ } غير متممة ، أي : التي تسقط ، قاله مجاهد وغيره ، فاللفظة بناءُ مبالغة من خلق ، ولما كان الإنسانُ فيه أعضاء متباينة ، وكل واحد منها مختصّ بخلق ـــ حَسُنَ في جملته تضعيفُ الفعل ؛ لأَن فيه خلقاً كثيراً . وقوله سبحانه : { لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ } قالت فرقة : معناه أمر البعث ، { وَنُقِرُّ } أي : ونحن نُقِرُّ في الأرحام ، والأجل المُسَمَّى مختلف بحسب حين حين ، فَثَمَّ مَنْ يسقط ، وثم مَنْ يكمل أمره ويخرج حَيّاً . وقوله سبحانه : { ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً } قد تقدَّمَ بيانُ هذه المعاني ، والرَّدُّ اإلى أَرذل العمر هو حصول الإنسان في زمانة ، واختلال العقل والقوة ، فهذا مثال واحد يقتضي للمُعْتَبِرِ به أن القادِرَ على هذه المناقل ، المُتْقِنَ لها ـــ قادرٌ على إعادة تلك الأجساد التي أوجدها بهذه المناقل ، إلى حالها الأولى . وقوله عز وجل : { وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } هذا هو المثال الثَّاني الذي يُعْطِي للمعتبر فيه جوازَ بعث الأجساد ؛ وذلك أَنَّ إحياءَ الأرض بعد موتها بَيِّنٌ ؛ فكذلك الأجساد ، و { هامدة } : معناه : ساكنة دارسة بالية ، واهتزاز الأرض : هو حركتها بالنبات وغيرِ ذلك مِمَّا يعتريها بالماء ، { وَرَبَتْ } : معناه : نشزت وارتفعت ؛ ومنه الرَّبْوَةُ وهي المكان المرتفع ، والزوج : النوع ، والبهيج : من البهجة ، وهي الحسن ؛ قاله قتادة وغيره . وقوله : { ذَٰلِكَ } إشارة إلى كل ما تقدم ذكره ، وباقي الآية بين .