Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 1-4)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله سبحانه : { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ * ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } أخبر اللّه سبحانه عن فلاح المؤمنين ، وأنهم نالوا البُغْيَةَ ، وأحرزوا البقاءَ الدائم . قلت : وعن عُمرَ بن الخطاب رضي اللّه عنه قال : " كان رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ ، يُسْمَعُ عِنْدَ وَجْهِهِ صلى الله عليه وسلم دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النحْلِ ، فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ يَوْماً ، فَمَكَثْنَا سَاعَةً ، وَسُرِّيَ عَنْهُ ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ ، زِدْنَا وَلاَ تَنْقُصْنَا ، وَأَكْرِمْنَا وَلاَ تُهِنَّا ، وَأَعْطِنَا وَلاَ تَحْرِمْنَا ، وَآثِرُنَا وَلاَ تُؤْثِرْ عَلَيْنَا ، وأرْضِنَا وَٱرْضَ عَنَّا " ، ثُمَّ قَالَ : " أُنْزِلَتْ عَلَيَّ عَشْرُ آياتٍ مَنْ أَقَامَهُنَّ دَخَلَ الجَنَّةَ " ، ثُمَّ قَرَأَ : { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } حتى ختم عشر آيات ؛ رواه الترمذي واللفظ له والنسائيُّ والحاكم في « المستدرك » ، وقال : صحيح الإسناد ، انتهى من « سلاح المؤمن » . قلت : وقد نَصَّ بعض أئمتنا على وجوب الخشوع في الصلاة ، قال الغزاليُّ رحمه اللّه : ومِنْ مكائد الشيطان أن يَشْغَلَكَ في الصلاة بفكر الآخرة وتدبيرِ فِعْلِ الخيرات ؛ لتمتنعَ عن فَهْمِ ما تقرأه ، واعلم أَنَّ كلَّ ما أشغلك عن معاني قراءتك فهو وسواس ؛ فإنَّ حركة اللسان غيرُ مقصودة ؛ بل المقصود معانيها ، انتهى من « الإحياء » . وروي عن مجاهد : أَنَّ اللّه تعالى لما خلق الجَنَّةَ ، وأتقن حُسْنَها قال : { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } ثم وصف تعالى هؤلاء المفلحين : فقال : { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } والخشوع التطامُنُ ، وسكونُ الأعضاءِ ، والوقارُ ، وهذا إنَّما يظهر في الأعضاء مِمَّنْ في قلبه خوف واستكانة ؛ لأَنَّه إذا خشع قلبُه خشعت جوارِحُه ، ورُوِيَ أَنَّ سبب الآية أَنَّ المسلمين كانوا يلتفتون في صلاتهم يُمْنَةً ويُسْرَةً ؛ فنزلت هذه الآيةُ ، وأُمِرُوا أن يكون بصرٍ المُصَلِّي حِذَاءَ قِبْلَتِه أو بين يديه ، وفي الحرم إلى الكعبة ، و { ٱللَّغْوِ } : سقط القول ، وهذا يَعُمُّ جميع ما لا خيرَ فيه ، ويجمع آداب الشرع ، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، أي : يُعْرِضُونَ عن اللغو ، وكأنَّ الآية فيها موادعة . { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ } ذهب الطبريُّ وغيره إلى : أَنَّها الزكاة المفروضة في الأموال ، وهذا بَيِّنٌ ، ويحتمل اللفظُ أَن يريد بالزكاة : الفضائلَ ، كأنه أراد الأزكى من كل فعل ؛ كما قال تعالى : { خَيْراً مِّنْهُ زَكَـوٰةً وَأَقْرَبَ رُحْماً } [ الكهف : 81 ] .