Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 26-28)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { ٱلْخَبِيثَـٰتُ لِلْخَبِيثِينَ … } الآية : قال ابن عباس وغيره : الموصوف بالخُبْثِ والطيب : الأقوال والأفعال ، وقال ابن زيد : الموصوفُ بالخُبْث والطيب ، النساءُ والرجال ، ومعنى هذا التفريقَ بَيْنَ حكم ابن أُبَيٍّ وأشباهِهِ وبين حكم النبي صلى الله عليه وسلم وفضلاءِ أصحابه وأَمَّتِهِ . وقوله تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ } إشارة إلى الطيبين المذكورين ، وقيل : الإشارة بـ { أُولـٰئك } إلى عائشة - رضي اللّه عنها - ومَنْ في معناها . وقوله تعالى : { لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ } سبب هذه الآية فيما روى الطبريُّ : أَنَّ امرأة من الأنصار قالت : يا رسولَ اللّه ، إنِّي أَكونُ في منزلي على الحال الَّتي لاَ أُحِبُّ أَنْ يراني أحدٌ عليها ، لاَ وَالَدٌ ولا وَلَد ، وإنَّهُ لا يزالُ يدخلُ عليَّ رجلٌ مِنْ أهلي ، وأنا على تلك الحال ؛ فنزلت هذه الآية ، ثم هي عامَّةٌ في الأُمَّةِ غَابِرَ الدهر ، وبيت الإنسان : هو الذي لا أحد معه فيه ، أوِ البيتَ الذي فيه زوجته أو أَمَتُهُ ، وما عدا هذا فهو غير بيته ، و { تَسْتَأْنِسُواْ } معناه : تستعملوا مَنْ في البيت ، وتستبصروا , تقول : آنستُ : إذا علمَتُ عن حِسٍّ وإذا أبصرتُ ؛ ومنه قوله تعالى : { آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً } [ النساء : 6 ] . و « استأنس » وزنه : استفعل ، فكأنَّ المعنى في { تَسْتَأْنِسُواْ } : تطلبوا أنْ تعلموا ما يؤنسكم ويؤنس أهل البيت منكم ، وإذا طلب الإنسان أن يعلم أمر البيت الذي يريد دخوله ، فذلك يكون بالاستئذان على من فيه ، أو بأنْ يتنحنح ويُشْعِرُ بنفسه بأي وجه أمكنه ، ويَتَأَتَّى قَدْرَ ما يتحفظ منه ، ويدخل إثر ذلك . وذهب الطبريُّ في : { تَسْتَأْنِسُواْ } إلى أَنَّه بمعنى حتى تؤنسوا أهل البيت بأنفسكم بالتنحنح والاستئذان ونحوه ، وتؤنسوا نفوسكم بأن تعلموا أنْ قد شُعِرَ بكم . قال * ع * : وتصريف الفعل يأْبَى أَنْ يكون من أنس ، وقرأ أُبَيُّ وابن عباس : « حتى : تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلِّمُوا » وصورة الاستئذان أَنْ يقول الإنسان : السلام عليكم ، أأدخل ؟ فإن أُذِنَ له دَخَل ، وإنْ أُمِرَ بالرجوع انصرف ، وإنْ سُكِتَ عنه استأذن ثلاثاً ثم ينصرف ، جاءت في هذا كله آثار ، والضمير في قوله : { تَجِدُواْ فِيهَا } : للبيوت التي هي بيوتُ الغير ، وأسند الطبريُّ عن قتادة أنه قال : قال رجل من المهاجرين : لقد طلبتُ عمري كُلَّه هذه الآيةَ فما أدركتها أن أستأذنَ على بعض إخواني فيقول : لي ارجع ، فأرجع وأنما مُغْتَبِطٌ ؛ لقوله تعالى : { هُوَ أَزْكَى لَكُم } . وقوله تعالى : { وٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } تَوَعُّدٌ لأهل التجسُّسِ .