Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 58-59)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ } . قال القشيريُّ في « التحبير » : وإذا عَلِمَ العبدُ أَنَّ مولاه حَيٌّ لا يموت ، صَحَّ تَوَكُّلُهُ عليه ؛ قال تعالى : { وَتَوَكَّلْ عَلَى الحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ } قيل : إنَّ رجلاً كتب إلى آخر أَنَّ صديقي فلاناً قد مات ، فَمِنْ كَثَرَةِ ما بكيت عليه ذَهَبَ بَصَرِي ، فكتب إليه : الذَّنْبُ لك حين أحببتَ الحيَّ الذي يموت ، فهلا أحببت الحيَّ الذي لا يموت حتى لا تحتاج إلى البكاء عليه ، انتهى . وعن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : " ما كَرَبَنِي أَمْرٌ إلاَّ تَمَثَّلَ لِي جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ ، قُلْ : تَوَكَّلْتُ عَلَى الحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً " رواه الحاكم في « المستدرك » وقال : صحيح الإسناد ، انتهى من « السلاح » . وقوله تعالى : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ } أي : قل : سبحان اللّه وبحمده أي : تنزيهه واجب وبحمده أقول ، وصَحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أَنَّه قال : " مَنْ قَالَ فِي كُلِّ يَوْمٍ سُبْحَانَ اللّهِ وَبِحَمْدِهِ مائَةَ مَرَّةٍ غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ " فهذا معنى قوله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ } وهي إحدى الكلمتين الخفيفتين على اللسان الثقيلتين في الميزان ، الحديث في البخاري وغيره . * ت * : وعن جُوَيْرِيَّةَ - رضي اللّه عنها - أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا ، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ فَقَالَ : " مَا زِلْتِ عَلَى الحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا ؟ قَالَتْ : نعم ، قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتُ مُنْذُ الْيَوْمَ لَوَزَنْتُهِنَّ : سُبْحَانَ اللّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ " رواه الجماعة إلاَّ البخاريَّ ، زاد النسائي في آخره : « وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَذَلِكَ » وفي رواية له : « سُبْحَانَ اللّهِ وَبِحَمْدِهِ ، وَلاَ إلَهَ إلاَّ اللّهُ ، وَاللَّهُ إكْبَرُ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ » انتهى من « السلاح » . وقوله سبحانه : { وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً } : وعيدٌ بَيِّنٌ . وقوله تعالى : « الرحمن » : يحتمل أنْ يكون : رفعه بإضمار مبتدإٍ ، أي : هو الرحمن ، ويحتمل أنْ يكونَ : بَدَلاً من الضمير في قوله : { ٱسْتَوَىٰ } . وقوله : { فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً } فيه تأويلان : أحدهما : فاسأل عنه خبيراً والمعنى : اسأل جبريلَ والعلماء وأهل الكتاب ، والثاني : أنْ يكون المعنى كما تقول : لو لقيت فلاناً لقيتَ له البحرَ كرماً ، أي : لقيتَ منه ، والمعنى : فاسأل اللّهَ عن كل أمر ، وقال عِيَاضٌ في « الشِّفَا » قال القاضي أبو بكر بن العلاء : المأمور بالسؤال غيرُ النبي صلى الله عليه وسلم والمسؤول الخبير هو النبي صلى الله عليه وسلم انتهى . قال أبو حيان : والظاهر تعلق به { فاسأل } وبقاء الباء على بابها ، و { خبيراً } من صفاته تعالى ، نحو : لَقِيتُ بِزَيْدٍ أَسَداً ، أي : أَنَّهُ الأَسَدُ شجاعةً ، والمعنى : فاسألِ اللّهَ الخبيرَ بالأَشياءِ ، انتهى .