Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 22-34)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ } الآية : قال قتادة : هذا من موسى على جهة الإنكار على فرعون ـــ لعنه اللّه ـــ كأنه يقول : أو يَصِحُّ لك أن تَعُدَّ عليّ نعمةَ ترك قتلي من أجل أنَّك ظلمت بني إسرائيل وقتلتهم ؟ ! أي : ليست بنعمة ؛ لأَنَّ الواجب كان أَلاَّ تقتلَني ولا تقتلهم ، ولا تستعبدهم ، ، وقرأ الضَّحَّاك : « وتِلْكَ نِعْمَةٌ مَا لَكَ أَنْ تَمُنَّهَا عَلَيَّ » وهذه قراءة تؤيِّد هذا التأويل ، وقال الطبريُّ والسُّدِّيُّ : هذا الكلام من موسى عليه السلام علي جهة الإقرار بالنعمة كأنه يقول : نعم ، وتربيتك نعمة عليَّ ؛ من حيث عَبَّدْتَ غيري وتركتني ، ولكن ذلك لا يدفع رسالتي ، ولمَّا لم يجد فرعونُ حُجَّةً رجع إلى معارضة موسى في قوله : { وَمَا رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } واستفهمه استفهاماً فقال موسى هو { رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ … } الآية , فقال فرعون لعنه اللّه عند ذلك : { أَلاَ تَسْتَمِعُونَ } : على معنى الإغراء والتعجب من شنعة المقالة إذا كانت عقيدة القوم ؛ أَنَّ فرعون رَبُّهم ومعبودهم ، والفراعنة قبله كذلك ، فزاده موسى في البيان بقوله : { رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } فقال فرعون حينئذٍ على جهة الاستخفاف : { إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } فزاده موسى في بيان الصفات التي تُظْهِرُ نقصَ فرعونَ ، وتبين أَنَّهُ في غاية البعد عن القدرة عليها ، وهي رُبُوبِيَّةِ المشرق والمغرب ، ولم يكن لفرعونَ إلاَّ مِلْكُ مصرَ ، ولما انقطع فرعون في باب الحجة ، رجع إلى الاستعلاء والتغلب فقال لموسى : { لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } وفي توعده بالسجن ضَعْفٌ ؛ لأَنَّهُ خارت طباعه معه ، وكان فيما روي أنَّه يفزعُ من موسى فزعاً شديداً حتى كان لا يُمْسِكُ بولَه ، وكان عند موسى من أمر اللّه والتوكل عليه ما لا يفزعه تَوَعُّدُ فرعونَ ، فقال له موسى على جهة اللطف به والطمع في إيمانه : { أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ مُّبِينٍ } : يتَّضِحُ لك معه صدقي ، فلما سمع فرعون ذلك طمع أن يجد أَثناءه موضع معارضة فقال له : { فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } فألقى موسى عصاه { فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } على ما تقدَّم بيانه ونزع يده : من جيبه { فَإِذَا هِيَ } : تتلألأ كأنها قطعة من الشمس ، فلما رأى فرعون ذلك هاله ، ولم يكن له فيه مدفعٌ غيرَ أَنَّهُ فزع إلى رميه بالسحر .