Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 36-42)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَٰنَ } يعني : رسلُ بقليس ، وقولُ سليمان : { ٱرْجِعْ } خطابٌ لرسلِها ؛ لأن الرسولَ يقع على الجمعِ والإفرادِ والتذكيرِ والتأنيث . وفي قراءة ابن مسعود : « فلما جاؤوا سليمان » وقرأ « ارجعوا » ووعيدُ سليمانَ لهم مقترنٌ بدوامِهم على الكفرِ ، قال البخاري : { لاَّ قِبَلَ لَهُم بِهَا } أي : لا طاقةَ لهم ، انتهى . ثم قال سليمان لجَمْعِه { يَٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } . قال ابن زيد : وغرضُه في استدعاءِ عرشِها ؛ أن يُرِيَها القدرةَ التي من عندِ اللّهِ وليغرب عليها ، و { مُسْلِمِينَ } في هذا التأويل بمعنى : مُسْتَسْلِمِينَ ، ويحتملُ أنُ يكونَ بمعنى الإسلام . وقال قتادة : كان غرضُ سليمانَ عليه السلام قبل أن يَعْصِمَهُم الإسلامُ ؛ فالإسلامُ على هذا التأويل يراد به الدين . * ت * : والتأويل الأول أَليَقُ يمَنْصِبِ النُّبُوَّةِ ، فيتعينُ حملُ الآيةِ عليه ، والله أعلم . ورُوِي أن عرشِهَا كانَ من ذهبٍ وفضةٍ ؛ مُرَصَّعاً بالياقوتِ والجَوْهرِ ، وأنه كان في جوفِه سبعةُ أبياتٍ عليها سَبْعة أغلاقٍ . والعِفْرِيتُ هو من الشياطين ؛ القويُّ الماردُ . وقوله : { قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ } قال مجاهد وقتادة : معناه : قبل قيامِك من مجلس الحكم , وكان يجلس من الصبح إلى وقتَ الظهرِ في كل يوم ، وقيل : معناه : قبلَ أنْ تستويَ من جلوسِكَ قَائِماً . وقول الذي عنده علم من الكتاب : { أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ } قال ابن جبير وقتادة : معناه : قبل أن يصل إليكَ مَنْ يَقَعُ طَرْفُكَ عَلَيْهِ في أبعد ما ترى . وقال مجاهد : معناه : قبل أن تحتاج إلى التغميض ، أي : مدة ما يمكنك أن تمد ببصرك دون تغميض ؛ وذلك ارتداده . قال * ع * : وهذانِ القولانِ يقابلانِ القولينِ قبلَهما . وقوله : { لَقَوِيٌّ أَمِينٌ } معناه : قويٌّ على حمله ؛ أمين على ما فيه . ويُرْوَى أنَّ الجِنَّ كَانَتْ تُخْبِرُ سليمانَ بمَنَاقِل سَيْرِ بلقيس ، فلما قربَتْ ، قال : { أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } فدعا الذي عنده علم من التوراة ، ـــ وهو الكتاب المشار إليه ـــ باسم اللّه الأعظم ؛ الذي كاانت العادة في ذلك الزمان أن لا يدعو به أحد ، إلا أجيب ، فشقت الأرض بذلك العرشِ ، حتَّى نَبَعَ بَيْنَ يَدَيْ سليمانَ ـــ عليه السلام ـــ : وقيل : بل جِيءَ به في الهواءِ . وجمهورُ المفسرين على أن هذا الذي عنده علم من الكتاب ـــ كان رجلاً صالحاً من بني إسرائيل اسمه آصف بن برخيا ، روي أنه صلى ركعتين ، ثم قال لسليمان عليه السلام : يا نبي اللّه ؛ ٱمْدُدُ بصرَك نحوَ اليَمَنِ ، فمد بصره ؛ فإذا بالعرش ، فما رد سليمان بَصره إلا وهو عنده . وقال قتادة : اسمه بلخيا . وقولُ سليمانَ ـــ عليه السلام ـــ : { نَكِّرُواْ لَهَا عَرْشَهَا } يريدُ تَجْرِبَة مَيْزِهَا ونَظَرِهَا ، ورَوَتْ فرقةٌ أن الجنَّ أحسَّتْ من سليمان أوْ ظنت به أنه ربما تزوجها ، فكرهوا ذلك وعيَّبُوها عنده ، بأنها غيرُ عاقلِة ولا مميزة ؛ وأَن رجلَها كحَافِرِ دابة ، فجرَّب عَقْلَها وميَّزَها بتَنْكِيرِ السريرِ ، وجرب أمر رجلِها بأمر الصَّرْحِ ، لتكشفَ عن سَاقَيْها عنده ، وتنكيرُ العرش : تغييرُ وضعهِ وسَتْرُ بعضِه . وقولُها { كَأَنَّهُ هُوَ } تحرزٌ فَصِيح ، وقال الحسن بن الفضل : شَبَّهُوا عَلَيْهَا فَشَبَّهَتْ عَلَيْهِم . ولو قالوا : { أهذا عرشك ؟ } لقالت : نعم ، ثم قال سليمان عليه السلام عند ذلك : { وَأُوتِينَا ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا } الآية ، وهذا منه ؛ على جهة تعديد نعم اللّه تعالى عليه وعلى آبائه .