Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 25-35)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { أَلاَّ يَسْجُدُواْ لِلَّهِ } إلى قوله { ٱلْعَظِيمِ } ، ظاهرُه : أنه من قول الهدهد ؛ وهو قول ابن زيد وابن إسحاق ، ويحتملُ أنْ يكونَ من قول اللّه تعالى اعتراضاً بيْنَ الكَلاَمَيْن ، وقراءةُ التشديدِ في { أَلاَّ } تعطى : أن الكلامَ للهدهدِ ؛ وهي قراءةُ الجمهورِ ، وقراءة التخفيفِ ؛ وهي للكسائي تَمْنَعَهُ وتقوِّي الآخرَ ؛ فتأملْه ، وقرأ الأعمشُ { هَلاَّ يَسْجُدُونَ } وفي حرف عبد اللّه « أَلاَ هَلْ تَسْجُدُونَ » بالتَّاء ، و { ٱلْخَبْءَ } : الخفيُّ من الأمور ؛ وهو من خَبَأْتُ الشيءَ ، واللفظةُ تَعُمّ كل ما خَفِي من الأمور ؛ وبه فسر ابن عباس . وقرأ الجمهورُ : « يُخْفُونَ وَيُعْلِنون » بياء الغائب ؛ وهذه القراءة تُعْطى أنَّ الآيةَ من كلامِ الهدهد . وقرأ الكسائيُّ وحفصٌ عن عاصم « تُخْفُونَ وَتُعْلِنُونَ » بتاء الخطاب ؛ وهذه القراءة تعطى أنَّ الآية من خطاب اللّه تعالى لأمة سيِّدنا محمَّد صلى الله عليه وسلم . قوله : { فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ } ، قال وهب بن مُنَبِّه : أمره بالتولِّي حُسنُ أدب ليَتَنَحَّى حَسْبَ ما يُتأَدَّبُ به مع الملوك ، بمعنى : وكنْ قريباً حتى ترى مراجعاتهم ، ولكيلَ الأمر ، إلى حُكْمِ ما في الكتابِ دونَ أن تكونَ للرسولِ ملازمةٌ ولا إلحاحٌ . ورَوَى وهب بن منبِّه في قصص هذه الآية : أن الهدهدَ وصل ؛ فَوَجَدَ دون هذه المَلِكَةِ حُجُبَ جدراتٍ ، فَعَمَدَ إلَى كُوَّةٍ كانتْ بلقيسُ صَنَعَتْهَا ، لتَدْخُلَ منها الشمسُ عند طلوعها ؛ لمعنَىٰ عبادَتِهَا إيَّاهَا ؛ فدخل منها وَرَمَىٰ بالكتابِ إليها ؛ فقرأتْه وجَمَعَتْ أهْلَ مُلْكِها ؛ فخاطبتهم بما يأتي بعدُ . { قَالَتْ يَٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ } تعني : الأشراف : { إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } وصَفَتِ الكتابَ بالكريمِ إما لأنه من عند عظيمٍ ، أو لأنه بُدِىء باسمٍ كريمٍ . ثم أخذتْ تصف لهم ما في الكتابِ ، ثم أخذتْ في حسْنِ الأدَبِ مَعَ رجَالِها ومشاورتهم في أمرها ؛ فراجعها قومُها بما يُقِرُّ عَيْنَها مِنْ إعلامِهم إيَّاها بالقوة ، والبأس . ثم سلَّمُوا الأمر إلى نَظَرِها ؛ وهذه محاورةٌ حسنة من الجميع . وفي قراءة عبد اللّه : « ما كُنْتُ قَاضِيَةً أَمْراً » بالضاد من القضاء ، ثم أخبرتْ بلقيسُ بفِعلِ الملوكِ بالقُرَى التي يَتَغَلَّبُونَ عليها ، وفي كلامها خوفٌ على قومِها وحَيْطَة لهم ، قال الدَّاوُودِيُّ : وعن ابن عباس : رضي اللّه عنه { إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا } قال : إذا أخذوهَا عَنْوَةً ، أخربوها ، انتهى . وقوله : { وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ } قالت فرقة : هو من قول بقليس ، وقال ابن عباس : هو من قول اللّه تعالى معرِّفاً لمحمَّدٍ عليه السلام وأمَّتِهِ بذلك . { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ … } الآية ، روي أن بلقيس قالت لقومها : إني أُجَرِّبُ هذا الرجلَ بهدية فيها نفائسُ الأموالِ ، فَإنْ كَانَ مَلِكاً دُنْيَوِيّاً أرضاه المال ؛ وإن كان نَبِيّاً لم يقبل الهديةَ ، ولم يُرْضِهِ مِنّا إلا أن نَتَّبِعَه على دينه ، فينبغي أن نؤمِنَ به ، ونتبعه على دينه ، فبعثت إليه بهدية عظيمة .