Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 83-87)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً } : هو تذكيرٌ بيومِ القيامةِ ، والفوجُ : الجماعة الكثيرة ، و { يُوزَعُونَ } معناه : يُكَفُّونَ في السَّوق ، أي يَحْبِسُ أولُهُم عَلى آخرهم ؛ قاله قتادة ، ومنه وَازَع الجيشَ ، ثم أخبر تعالى عن توقيفِه الكفرةَ يومَ القيامةِ وسؤالِهم على جهة التوبيخ : { أَكَذَّبْتُم … } الآية ، ثم قال : { أمَّاذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } على معنى استيفاء الحُجَجِ ، أي : إن كان لكم عملٌ أو حُجَّةٌ فهاتوها . ثم أخبر عن وقوع القول عليهم ، أي : نفوذُ العذابِ وحَتْمُ القَضَاءِ وأنهم لا ينطقونَ بحجَّةٍ ، وهذا في موطن من مواطِنِ القيامةِ . ولما تكلَّم المحاسِبيُّ على أهوال القيامة ، قال : واذكرِ الصِّراطَ بِدقَّتهِ وهو له ؛ وزلَّتِه وعَظِيم خطره ؛ وجهنم تخفق بأمواجها من تحته ، فيا له مِنْ مَنظرٍ ؛ ما أفْظَعَهُ وأهْوَلَهُ ، فتَوهَّمْ ذلِكَ بقلبٍ فارغٍ ، وعقلٍ جامعٍ ، فإن أهوالَ يومِ القيامةِ إنما خَفَّتْ علَى الذِينَ تَوَهَّمُوهَا في الدنيا بعقولهم ، فتحملوا في الدنيَا الهُمُومَ خَوْفاً مِن مَقامِ رَبِّهِمْ ، فَخَفَّفَها مَوْلاَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عَنْهم ، انتهى من « كتاب التوهم » . { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ } وهو القَرْنُ في قول جمهور الأمة ، وصاحب الصور هو إسرافيل ـــ عليه السلام ـــ ، وهذه النفخةُ المذكورة هنا هي نفخة الفَزَع ، ورَوى أبو هريرةَ أنها ثلاثُ نفخات : نفخةُ الفَزَعِ ، وهو فزع حياةِ الدُّنيَا وليْسَ بالفَزَع الأكْبَرِ ، ونفخةُ الصَّعْقِ ، ونفخةُ القيام من القبور . وقالت فرقة : إنما هما نفختان : كأنهم جَعَلُوا الفَزَعَ والصَّعْقَ في نفخةٍ وَاحِدَةٍ مستدلين بقوله تعالى : { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ … } الآية [ الزمر : 68 ] . قالوا : وأخرى لا يقال إلا في الثانية . قال * ع * : والأول أصحُّ ، وأخرى يقال في الثالثةِ ، ومنه قوله تعالى : { وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } [ النجم : 20 ] . وقوله تعالى : { إِلاَّ مَن شَاءَ ٱللَّهُ } استثناءٌ فيمن قَضَى اللّه سبحانه مِنْ ملائكتِه ، وأنبيائه ، وشهداءِ عبيدِه أن لا ينالهم فزعُ النَّفْخِ في الصورِ ، حَسَبَ ما ورد في ذلك من الآثار . قال * ع * : وإذا كان الفزعُ الأَكْبَرُ لاَ ينالهُم فَهُمْ حَرِيُّونَ أن لا ينالَهم هَذا . وقرأ حمزة : « وَكُلُّ أَتَوْهُ » على صيغة الفعل الماضي ، والدَّاخِرُ : المُتَذَلِّلُ الخاضِعُ ، قال ابن عباس وابن زيد : الداخرُ : الصاغرُ ، وقد تظاهرَتِ الرواياتُ بأنَّ الاستثناءَ فِي هذِه الآيةِ إنما أريد به الشهداءُ : لأنهم أحياءٌ عند ربهم يُرْزَقُونَ ، وهم أهلٌ للفزعِ ؛ لأنَّهُمْ بشر لكن فُضِّلُوا بالأمن في ذلك اليوم . * ت * : واختار الحليميُّ هذا القولَ قال : ـــ وهو مروي عن ابن عباس ـــ : إن المستَثْنَى هم الشهداء . وضعَّفَ ما عداه من الأقوال ، قال القرطبي ، في تذكرته : وَقَدْ وَرَدَ في حديث أبي هريرة ؛ بِأَنَّهُمُ الشُّهَدَاءُ ، وهو حديثٌ صحيح ، انتهى .