Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 67-82)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰباً وَءَابَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا نَحْنُ وَءَابَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } ، هذه الآية معنَاها واضحٌ مما تَقَدَّمَ في غيرها . ثم ذكر - تعالى - استعجالَ كفارِ قريشٍ أمْرَ السَّاعَةِ والعذابَ بقولِهم : { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } على معنى التَّعْجِيزِ ، و { رَدِفَ } مَعْنَاه : قَرُبَ وأزِفَ ؛ قاله ابن عباس وغيرُه ، ولكنَّها عبارةٌ عَما يجيءُ بعدَ الشيء قريباً منه ، والهاءُ في { غَائِبَة } للمبَالَغَةِ ، أي مَا مِنْ شَيْءٍ في غايةِ الغَيْبِ والخفاءِ إلاَّ فِي كِتَابٍ عِندَ اللّهِ وفي مكنونِ علمِه ، لا إلٰه إلا هو . ثم نبَّه ـــ تعالى ـــ على أنَّ هذا القرآن يَقُصُّ على بني إسرائيل أكثر الأشياءِ التي كان بينهُم اختلافٌ في صِفَتِها ، جاء بها القرآن على وجهها ، { وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤمِنِينَ } كما أنه عمَىً على الكافرين المحتومِ عليهم ، ثم سلَّى نبيَّه بقوله : { إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ } فشبَّهَهُمْ مرةً بالموتى ، ومرةً بالصُّمِّ من حيث إنَّ فائدةَ القولِ لهؤلاءِ مَعْدُومَةٌ . وقرأ حمزة : « وَمَا أَنتَ تَهْدِي ٱلْعُمْيِ » بفعلٍ مستقبل ، ومعنى قوله تعالى { وَإِذَا وَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيْهِم } ، أي : إذا انْتَجَزَ وعدُ عذابِهمُ الذي تَضَمَّنَه القولُ الأزلي من اللّه في ذلك ، وهذا بمنزلة قوله تعالى : { حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ } [ الزمر : 71 ] . فمعنى الآية وإذا أراد اللّهُ أن يُنْفذَ في الكافرينَ سَابقَ عِلمِهِ لَهُم من العذابِ أخْرَجَ لهم دابَّةً من الأرض ، ورُوِيَ أَن ذلك حين ينقطعُ الخيرُ ، ولا يؤمَر بمعروف ، ولا يُنْهى عن منكر ، ولا يِبْقَى مَنيبٌ ولا تائبٌ ، و { وَقَعَ } عبارةٌ عن الثبوت واللُّزُوم ، وفي الحديث أن الدابةَ وطلوعَ الشمسِ من المغْرِب مِنْ أولِ الأشراط ، وهذه الدَّابَّةُ رُوِيَ أنَّها تَخْرُجُ من الصَّفَا بمكَّةَ ؛ قاله ابن عمر وغيره ، وقيل غيرُ هذا . وقرأ الجمهور : { تُكَلِّمُهُمْ } من الكلام . وقرأ ابن عباس وغيرُه ، { تُكَلّمُهُمْ } ـــ بفَتْحِ التاءِ وتخفيفِ اللام ـــ ، من الكَلْمِ وهو الجُرْحُ ، وسئل ابن عباس عن هذه الآية « تكلمهم أو تكلمهم » ؟ فقال : كل ذلك ، واللّهِ تفعلُ : تُكَلِّمُهُمْ وَتَكْلُمُهُمْ ، وروي أنها تَمُرُّ على الناسِ فَتَسِمُ الكافرَ فِي جبهتِه وتَزْبُرُهُ وتَشْتُمُه وربما خَطَمَتْه ، وَتَمْسَحُ على وجهِ المؤمنِ فتبيضه ، ويعرفُ بعدَ ذلكَ الإيمانُ والكفرُ مِن أثرها ، وفي الحديث : " تَخْرُجُ الدَّابَّةُ وَمَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ وَعَصَا مُوسَى ، فَتَجْلُو وُجُوهَ المؤمِنِينَ بالعَصَا ؛ وتَخْتِمُ أَنْفَ الكَافِرِ بِالخَاتِمِ ، حَتَّى أنَّ النَّاسَ لَيَجْتَمِعُونَ ، فَيَقُولُ هَذَا : يَا مُؤْمِنُ ، وَيَقُولُ هَذا : يَا كَافِرُ " رواه البَزَّار ، انتهى من « الكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ » . وقرأ الجمهور : « إنَّ النَّاسَ » ـــ بكسر « إن » . وقرأ حمزةُ والكسائيّ وعاصمٌ : « أنَّ » ـــ بفتحها . وفي قراءة عبد اللّه : « تُكَلِّمُهُمْ بَأَنَّ » ، وعلى هذه القراءة ؛ فيكونُ قوله : « أَنَّ النَّاسَ » إلى آخرها مِنْ كلامِ الدابَّةِ ، وروي ذلك عن ابن عَبَّاس . ويحتملُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلاَمِ اللّهِ تعالَىٰ .