Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 80-82)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ … } الآية : أخبر تعَالَى عَنْ الذين أوتوا العلم والمعرفةَ باللّهِ وبِحَقِّ طاعتِه أَنَّهُمْ زَجَرُوا الأَغْمَارَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا حَالَ قَارُوْنَ وَحَمَلُوهُمْ عَلَى الطَّرِيقَةِ المُثْلَى ؛ مِنْ أَنَّ النَّظَرَ والتَّمَنِّي إنَّما يَنْبَغِى أنْ يَكونَ في أمورِ الآخرةِ ، وأنَّ حالةَ المؤمنِ العاملِ الذي ينتظرُ ثوابَ اللّهِ تعالى خيرٌ مِن حالِ كلِّ ذِي دُنيا . ثم أخبر تعالى عن هذه النَّزْعَةِ وهذه القوَّةِ في الخبر والدينِ أَنَّها { لاَ يُلَقَّاهَا } أي : لا يُمَكَّنُ فيها ويُخَوَّلُها إلا الصَّابِرُ عَلى طَاعَةِ اللّه وعن شهواتِ نفسه ؛ وهذا هو جماع الخير كله . وقال الطبري : الضمير عائد على الكلمة ؛ وهي قوله : { ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً } ، أي : لا يُلَقَّنُ هذه الكلمة إلا الصابرون ؛ وعنهم تصدر ، ورُوِيَ في الخسف بقارونَ ودارِه أن موسى عليه السلام لما أمَضَّه فعلُ قارونَ به وتعدّيه عليه ؛ استجارَ باللّه تعالى وطلب النصرة ؛ فأوحى اللّه إليه ، أَني قد أمرتُ الأرض أَنْ تطيعكَ في قارونَ وأتباعه ، فقال موسى : يا أرض ؛ خذيهم فأخذتهم إلى الركب ، فاستغاثوا : يا موسى ؛ يا موسى ؛ فقال : خذيهم ، فأخذتهم شيئاً فشيئاً إلى أن تم الخسفُ بهم ، فأوحى اللّه إليه : يا موسى ؛ لَوْ بِيَ استغاثوا وإليَّ تابوا لرحمتِهُم . قال قتادةُ وغيره : رُوِيَ أَنه يخسفُ به كل يوم قامةً ؛ فهو يتجلجل إلى يوم القيامة . * ت * : وفي الترمذي ؛ عن معاذ بن أنس الجُهَنِيِّ ، أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ تَرَكَ اللَّبَاسَ تَوَاضُعاً لِلَّهِ ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، دَعَاهُ اللّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَىٰ رُؤُوسِ الخَلاَئِقِ ؛ حَتَّىٰ يُخَيِّرَهُ ؛ مِنْ أَيِّ حُلَلِ الإيمَانِ شَاءَ يَلْبَسُهَا " وروى الترمذيُّ عن عائشة رضي اللّه عنها قالت : كان لنا قِرَامُ سِتْرٍ فيه تماثيلُ على بابي فرآه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال : " انْزَعِيهِ فَإنَّهُ يُذَكِّرُنِي الدُّنْيَا " ، الحديثَ وروى الترمذي عن كعب ابن عياض قال : سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول : " إنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً ، وَفِتْنَةُ أُمَّتِي : المَالُ " ؛ قال أبو عيسَىٰ : هذا حديث حسن صحيح ؛ وفيه عن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لَيْسَ لاِبْنِ آدَمَ حَقٌّ فِي سِوَىٰ هَـٰذِهِ الْخِصَالِ : بَيْتٍ يَسْكُنُهُ ، وَثَوْبٍ يُوَارِي عَوْرَتَهُ ، وَحِلْفُ الْخَبَزِ والمَاءِ " . قال النضر بن شميلٍ : « جِلْفُ الخبز » يعني : ليس معه إدام . انتهى . فهذه الأحاديث وأشباهها تزهِّد في زينةِ الدنيا وغضارة عيشها الفاني . وقوله : { ويكأن } مذهبُ الخليلِ وسيبويه : أن « وي » حرف تنبيه منفصلة من ( كأن ) ، لكنْ أُضيفت لكثرة الاستعمال . وقال أبو حاتم وجماعة : ويْكَ : هي ( وَيْلَكَ ) حذفتِ اللامُ منها لكثرةِ الاستعمال . وقالت فرقة : و « يكأن » بجملتها كلمة .