Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 64-69)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ } وصفَ اللّهُ تعالى الدنيا في هذه الآيةِ بأنها لهوٌ ولعب ، أي : ما كان منها لغير وجه اللّه تعالى ؛ وأما مَا كان للَّه تعالى فهو من الآخرة ، وأما أمورُ الدنيا التي هي زائدة على الضروري الذي به قِوَامُ العَيْشِ ، والقوةُ على الطاعات ؛ فإنما هي لهو ولعب ، وتأملْ ذلك في الملابِس ، والمطاعِم ، والأقوال ، والمكتسبات ، وغير ذلك ، وانظر أن حالةَ الغني والفقير من الأمور الضرورية واحدة : كالتنفسِ في الهواء ، وسد الجوع ، وستر العورة ، وتَوَقِّي الحر والبرد ؛ هذه عظم أمر العيش ، و { ٱلْحَيَوَانُ } و { ٱلْحَيَاةُ } بمعنًى ، والمعَنى : لا موت فيها ، قاله مجاهد وهو حسن ، ويقال : أصله : حييان ؛ فأبدلت إحداهما واواً لاجتماع المِثْلَين . ثم وقَفَهُمْ تعالى على حالهم في البحر ؛ عند الخوف العظيم ؛ ونسيانهم عند ذلك للأصنام ، وغيرها ، على ما تقدم بيانُه في غير هذا الموضع : و { لِيَكْفُرُواْ } نصبٌ بـــ « لام كي » ثم عدَّد تعالى على كَفَرَةِ قريش نعمتَه عليهم ؛ في الحَرَمِ و « المثوى » : موضع الإقامة ، وألفاظ هذه الآية في غايةِ الاقْتِضَابِ والإيجاز ؛ وجمع المعاني . ثم ذكر تعالى حالَ أوليائه والمجاهدين فيه . وقوله : { فِينَا } معناه : في مرضاتنا وبغيةِ ثوابِنا . قال السدي وغيره : نزلت هذه الآيةُ قبل فَرضِ القتال . قال * ع * : فهي قَبْلَ الجهادِ العَرْفي وإنما هو جِهَاد عامُّ في دين اللّه وطلب مرضاته . قال الحسن بن أبي الحسن : الآيةُ في العُبَّادِ . وقال إبراهيم بن أدهم : هي في الذين يعملون بما علموا . وقال أبو سليمان الدَّارانيُّ : ليس الجهادُ في هذه الآية قتالَ العدو فقط ؛ بل هو نَصْرُ الدِّين والردُّ على المبطلينَ وقمعُ الظالمينَ ؛ وأعظمُه الأمر بالمعروفِ ، والنهيُ عن المنكرِ ، ومنه ، مجاهدةُ النفوسِ في طاعةِ اللّه عز وجل وهو الجهاد الأكبر ؛ قاله الحسن وغيره ، وفيه حديثٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم " رَجَعْتُمْ مِنَ الْجِهَادِ الأَصْغَرِ إلَى الْجِهَادِ الأَكْبَرِ " و « السُّبل » هنا يحتملُ أن تكونَ طُرَقَ الجنةِ ومَسَالِكَهَا ، ويحتملُ أن تكونَ سبلَ الأعمال المؤَدِّيَةِ إلى الجنةِ ، قال يوسف بن أسباط : هي إصلاح النيّة في الأعمال ، وحب التَزَيُّدِ والتَفَهُّمِ ، وهو أن يُجَازَى العبدُ عَلى حَسَنَةٍ بازدياد حسنةٍ وبعلمٍ يَنْقَدِحُ مِن عِلْمٍ متقدمٍ . قال * ص * : { وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ } : مبتدأ خبرُه القسمُ المحذوفُ ، وجوابُه وهو : { لَنَهْدِيَنَّهُمْ } ، انتهى . وقال الثعلبي : قال سهل بن عبد اللّه : { وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ } في إقامة السنة { لَنَهْدِيَنَّهُمْ } سبل الجنة ؛ انتهى . واللام في قوله { لَمَعَ } لام تأكيد .