Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 33-34)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ … } الآية يَجْزِي مَعْنَاه يَقْضي ، والمعنى : لا ينفعه بشيء ، وقرأ الجمهور : « الغَرور » : ـــ بفتح الغَيْنِ ـــ وهو الشيطانُ ؛ قاله مجاهد وغيره ، واعلم أيها الأخ أنّ مَنْ فَهِمَ كَلامَ رَبِّه وَرُزِقَ التوفيقَ لم يَنْخَدِعْ بغُرورِ الدنيا وزخرفها الفاني ؛ بَل يَصْرِفُ هِمَّتَه بالكُلِّيَةِ إلى التزود لآخرته ؛ ساعياً في مَرْضَاةِ ربه ، وأنَّ مَنْ أيقنَ أنَّ اللّهَ يطلبُه صَدَقَ الطلبَ إليه كما قاله الإمام العارفُ باللّه ابن عطاء اللّه . وإنه لا بد لبناءِ هذا الوجودِ أن تَنْهَدِمَ دعائمُه وأن تسلب كرائِمهُ ، فالعاقل ؛ من كان بما هو أبقى أفرح منه بما هو يفنى ، قد أشرق نورُه وظهرت تباشيرُه ، فَصَدَفَ عن هذه الدار مُغْضِياً ، وأعرض عَنها مولياً ، فلم يتخذْها وطناً ، ولا جعلها سكناً ؛ بل أنْهَضَ الهمَّةَ فيها إلى اللّهِ تعالى وَصَارَ فِيهَا مُسْتَعِيناً به في القدومِ عليه ، فما زالت مطيةُ عَزْمِهِ لا يَقِرُّ قرارُها . دائماً تَسْيَارُهَا ، إلى أن أناخَتْ بِحَضْرَةِ القُدَسِ ، وبساطِ الإنْسِ ، انتهى . وَرَوَيْنَا في « جامع الترمذي » عن أبي أُمَامَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ أَغْبَطَ أَوْلِيَائِي عِنْدِي لَمُؤْمِنٌ خَفِيفٌ الحَاذِ ذُو حَظٍّ مِنَ الصَّلاَةِ ، أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ ، وَأَطَاعَهُ فِي السِّرَّ ، وَكَانَ غَامِضاً فِي النَّاسِ ؛ لاَ يُشَارُ إلَيْهِ بِالأَصَابِعِ ، وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافاً ؛ فَصَبَرَ عَلَىٰ ذَلِكَ ، ثُمَّ نَفَضَ بِيَدِهِ فَقَالَ : عُجِّلَتْ مَنِيَّتُهُ ، قَلَّتْ نَوَائِحُهُ ؛ قَلَّ تراثه " ، قال أبو عيسَىٰ : وبهذا الإسنادِ عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذَهَباً ، قُلْتُ لاَ ، يَا رَبِّ ، وَلَـٰكِنِ أَشْبَعُ يَوْماً وَأَجُوعُ يَوْماً ، أَوْ قَالَ : ثَلاَثاً أَوْ نَحْوَ هَـٰذَا ، فَإذَا جُعْتُ ، تَضَرَّعْتُ إلَيْكَ ، وَإذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُكَ وَحَمِدْتُكَ " قال أبو عيسَىٰ : هذا حَديثٌ حسنٌ ، وفي الباب عن فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ ، انتهى . والغُرُورُ : التَّطْمِيعُ بما لا يَحْصُلُ . وقال ابن جُبَيْرٍ : معنى الآية : أن تَعملَ المعصيةَ وتَتَمَنَّى المغفرة ، وفي الحديثِ الصحيح : عَنْهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " خَمْسٌ مِنَ الغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إلاَّ اللَّهُ تَعَالَىٰ ؛ وتلا الآية : { إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزّلُ ٱلْغَيْثَ … } إلى آخرها " قال أبو حيَّان { بِأَيِ أَرْضٍ } : ـــ الباء ظَرْفِيةٌ والجملة في موضع نَصْبٍ ـــ بـ { تَدْرِي } . انتهى .