Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 6-6)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } أزالَ اللّه بهذه الآية أحكاماً كانت في صدر الإسلام منها أن النّبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي على ميت عليه دين ، فذَكَرَ اللّهُ تَعَالَىٰ ؛ أنه أَوْلَىٰ بالمؤمنين من أنفسهم ، فجمع هذا أن المؤمن يلزم أن يُحِبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أكثرَ من نَفسِهِ ، حَسَبَ حديثِ عمر بن الخطاب ، ويلزمُ أن يَمْتَثِلَ أوامرَهُ ، أحبت نفسُهُ ذلك أو كرِهَتْ ، وَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حين نزلت هذه الآية : " أَنَاْ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مِنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنَاً أَوْ ضِيَاعاً فإلَيَّ وَعَلَيَّ ، أَنا وَلِيُّهُ ، ٱقْرَءُوا إنْ شِئْتُم : { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ … } " . * ت * : ولفظ البخاريِّ من رواية أبي هريرةَ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : " مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إلاَّ وَأَنَا أَوْلَىٰ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، ٱقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ : { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } ، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ تَرَكَ مَالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا ، فَإنْ تَرَكَ دَيْناً أَوْ ضِيَاعاً ، فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلاَهِ " . قال ابن العربيِّ : في « أحكامه » : فهذا الحديث هو تفسير الولاية في هذه الآية . انتهى . قال * ع * : وقال بعض العارفين : هو صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؛ لأنَّ أنفسهم تدعوهم إلى الهلاك ، وهو يدوعهم إلى النجاة . قال * ع * : ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم : " فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ ، وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُون فِيهَا تَقَحُّمَ الفَرَاشِ " . قال عياض في « الشفا » : قال أهل التفسير في قوله تعالى : { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } أي : ما أنفذه فيهم من أمر ؛ فهو ماضٍ عليهم ؛ كما يمضي حكمُ السيد على عبده ، وقيل اتباع أمره أولى من اتباع رأي النفس . انتهى ، وشَرَّفَ تعالى أزواج نبيه صلى الله عليه وسلم بأن جعلهن أمهاتِ المُؤْمِنِينَ في المَبَرَّةِ وحُرْمَةِ النِّكَاحِ ، وفي مصحف أُبَيّ بن كعبٍ : « وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ » وقرأ ابن عباس « مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ » ووافقه أُبَيٌّ عَلَىٰ ذلك . ثم حكم تعالى : بَأَن أُولى الأرْحَامِ بَعْضُهم أولى ببعض في التوارُث ، مما كانت الشريعة قررته من التوارث بأخوه الإسلام ، و { فِي كِتَـٰبِ ٱللَّهِ } يُحْتَمَلُ أَن يُرِيْدَ القُرْآن أو اللوح المحفوظ . وقوله : { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } متعلق بـ { أَوْلى } الثانية . وقوله تعالى : { إِلاَّ أَن تَفْعَلُواْ إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُمْ مَّعْرُوفاً } يريدُ الأحسانَ في الحياةِ والصِّلَة والوَصِيَّةِ عند الموتِ و « الكتابُ المسطورُ » : يحتَمِلُ الوجْهَين اللذين ذكرنا .