Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 9-12)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ … } الآيات إلى قوله تعالى : { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوٰجِكَ } [ الأحزاب : 28 ] نزلتْ في شأنِ غزوةِ الخندقِ ، وما اتَّصَلَ بها مِن أمر بني قُرَيْظَةَ ، وذلك أن رسولَ اللّه صلى الله عليه وسلم أَجْلَىٰ بَنِي النَّضِيرِ مِنْ مَوْضِعِهِمْ عِنْدَ المَدِينَةِ إلَىٰ خَيْبَر ، فاجْتَمَعَتْ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ، وَمِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ اليَهُودِ ، وَخَرَجُوا إلَىٰ مَكَّةَ مُسْتَنْهِضِينَ قُرَيْشاً إلَىٰ حَرْبِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَسَّرُوهُمْ عَلَىٰ ذَلِكَ ، وَأَزْمَعَتْ قُرَيْشُ السَّيْرَ إلَى المَدِينَةِ ، وَنَهَضَ اليَهُودُ إلَىٰ غَطَفَانَ ، وبَنِي أَسَدٍ ، وَمَنْ أَمْكَنَهُمْ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ وتِهَامَةَ ، فَٱسْتَنْفَرُوهُمْ إلَىٰ ذَلِكَ وَتَحَزَّبُوا وَسَارُوا إلَى المَدِينَةِ ، وَٱتَّصَلَ خَبَرُهُمْ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَحَفَرَ الخَنْدَقَ حَوْلَ المَدِينَةِ ، وَحَصَّنَهَا ، فَوَرَدَتِ الأحْزَابُ ، وحَصَرُوا المدينةَ ، وذلك في شَوَّال سنة خمسٍ ، وقيل : أرْبَعٍ مِن الهجرةِ ، وكانت قريظة قَدْ عَاهَدُوا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وعَاقدوه أَلاَّ يَلْحَقَهُ منهم ضَرَرٌ ، فلمَّا تمكَّن ذلك الحِصَارُ ، ودَاخَلَهم بَنُو النضيرِ غَدَرُوا رسولَ اللّه صلى الله عليه وسلم وَنَقَضُوا عهده ، وضاق الحال على المؤمنين ، ونَجَمَ النفاقُ وساءَت ظُنُون قَوْمٍ ، ورسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم مع ذلك يُبَشِّرُ وَيَعِدُ النَّصْرَ ، فألقَى اللّه عز وجل الرُّعْبَ في قُلوب الكافرينَ ، وتخاذلوا ويَئِسوا من الظَّفْرِ ، وأرسل اللّه عليهم ريحاً وهي الصَّبَا ، وملائكةً تُسَدِّدُ الرِّيحَ ، وتفعل نحو فعلها ، وتُلْقِي الرُّعْبَ في قلوب الكفرةِ ، وهي الجنودُ التي لَم تُرَ ، فارتَحَلَ الكَفَرَةُ وانقلبوا خائبين . قوله تعالى : { إِذْ جَاءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ } يريد : أهل نَجْدٍ مع عيينة بن حِصْن { وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ } : يريد أهل مكة وسائر تِهَامَة قاله مجاهد : { وَزَاغَتِ ٱلأَبْصَـٰرُ } معناه مَالَتْ عن مواضِعَها وذلك فِعْلُ الوالِه الفزِع المُخْتَبِلِ . { وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ } عبارة عَمّا يَجِدُهُ الهَلِعُ من ثَوَرَانِ نَفْسِه وتفرقها ويجد كأَنَّ حُشْوَتَهُ وَقَلْبَهُ يَصَّعَّدُ عُلُوّاً ، وَرَوَى أبو سعيد أن الْمُؤْمِنِينَ قَالُوا يَوْمَ الخَنْدَق : يَا نَبِيَّ اللّه ، بَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ ؛ فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ نَقُولُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ؛ قُولُوا : " اللَّهُمَّ ، ٱسْتُرْ عَوْرَاتِنَا ، وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا " فَقَالُوهَا ؛ فَضَرَبَ اللّهُ وُجُوهَ الكُفَّارِ بِالرِّيحِ فَهَزَمَهُمْ . وقوله سبحانه : { وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ … } الآية : عبارةٌ عن خواطر خطرَتْ للمؤمنين لا يمكن البشرَ دفعُها ، وأما المنافِقونَ فنَطَقُوا ، ونَجَمَ نفاقُهم . و { ٱبْتُلِيَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } معناه : اخْتُبِرُوا { وَزُلْزِلُواْ } : مَعْنَاه : حُرِّكُوا بعنف . ثم ذكر تعالى قول المنافقين والمَرْضَى القلوبِ ؛ على جِهَةِ الذَّمِّ لَهُمْ { مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً } فَرُوِيَ عَنْ يزِيدَ بْنِ رُومَانَ أن مُعَتِّبَ بن قُشَيْرٍ قال : يَعِدُنَا مُحَمَّدٌ أن نَفْتَتِحَ كنوز كِسْرَى وقيصر ومكة ؛ ونحن الآن لا يقدر أحدنا أن يذهب إلى الغائط ؛ ما يعدنا إلا غروراً ، وقال غيره من المنافقين نحو هذا .