Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 34-37)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَـٰفِرُونَ } هذهِ الآيةُ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِي صلى الله عليه وسلم عَنْ فِعْلِ قُرَيْشٍ وَقَوْلِها ، أي : هَذِهِ يَا مُحَمَّدُ سِيرَةُ الأُمَمِ ، فَلاَ يُهِمَّنَّكَ أَمْرُ قَوْمِكَ وَالْقَرْيَةُ : المَدِينَةُ ، والمُتْرَف : الغَنِيُّ المُنْعَمُ القَلِيلُ تَعَب النَّفْسِ وَالبَدَنِ ، فَعَادَتُهُمُ المبَادَرَةُ بالتَّكْذِيبِ . وقوله : { وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوٰلاً … } الآية : يُحْتَمَلُ أنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ فِي { قَالُواْ } عَلى المُتْرِفِينَ ؛ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِقُرَيْشٍ ، وَيَكُونُ كَلاَمُ المُتْرِفِينَ قَدْ تَمَّ قَبْلَهُ ، وَفِي « صحيح مسلمٍ » عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنَّه قَالَ : " إنَّ اللّهَ لاَ يَنْظُرُ إلَىٰ صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلٰكِنْ يَنْظُرُ إلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ " انتهى . وٱعْلَمْ أَنَّ المَالَ الزَّائِدَ عَلَى قَدْرِ الحَاجَةِ قَلَّ أَنْ يَسْلَمَ صَاحِبُهُ مِنَ الآفَاتِ إلاَّ مَنْ عَصَمَه اللّه تَعالى ، { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ } [ الشورى : 27 ] . وَقَدْ جَاءَ فِي « صَحِيحِ البُخَارِيِّ » وَغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ : " الأَكْثَرُونَ مَالاً هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ إلاَّ مَنْ قَالَ بِالمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا " ـــ وأَشَارَ ابنُ شِهَابٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ـــ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ اهـــ . وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي « رَقَائِقِهِ » قَالَ : أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ عَن عقَيْلٍ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَـٰنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم " إنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ : لَنْ يَنْجُوَ مِنِّي الغَنِيُّ مِنْ إحْدَىٰ ثَلاثٍ : إمَّا أنْ أُزَيِّنَ مَالَهُ فِي عَيْنَيْهِ فَيَمْنَعُهُ مِنْ حَقِّهِ ؛ وَإمَّا أنْ أُسَهِّلَ لَهُ سَبِيلَهُ فَيُنْفِقُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ ؛ وَإمَّا أَنْ أُحَبِّبَهُ فَيَكْسِبَهُ بِغَيْرِ حَقِّه " ؛ انتهى . و « الزّلْفَى » : مَصْدَرٌ بِمَعْنَى القُرْبِ . وقَوله : { إِلاَّ مَنْ ءَامَنَ } اسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعَ ، وَقَرَأَ الجُمْهُورُ : « جزاء الضعف » ، بِالإضَافَةِ و { الضعف } : هُنَا اسْمُ جِنْسٍ ، أي : بالتَّضْعِيفِ ، إذْ بَعْضُهُم يُجَازَى إلَى عَشَرَةٍ وَبَعْضُهُمْ أَكْثَرُ صاعداً إلى سَبْعِ مِائَةٍ بِحَسْبِ الأَعْمَالِ وَمَشِيئَةِ اللّهِ فِيها .