Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 3-11)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ } رُوِيَ : أَنَّ قائلَ هذه المقالة هُو أَبُو سفيانَ بنِ حَرْبٍ ، والَّلامُ من قوله : { لِّيَجْزِيَ } يَصِحُّ أَنْ تكونَ متعلقةً بقوله : { لَتَأْتِيَنَّكُمْ } و { ٱلَّذِينَ } مَعْطُوفٌ عَلَى { ٱلَّذِينَ } الأولى ، أي : ولِيَجْزَي الَّذِينَ سَعَوْا و { مُعَـٰجِزِينَ } معناه : مُحَاوِلِينَ تَعْجِيزَ قدرةِ اللّهِ فِيهمْ ، ثُم أَخْبَرَ تَعَالَى بَأَنَّ الذِينَ أُوتُوا العِلمَ يَرَوْنَ الوَحْيَ المُنَزَّل عَلَى مُحَمَّدٍ عليه السلام حَقاً ، وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ قِيلَ : هُمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ ، وَقَالَ قَتَادَةُ : هُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ ، ثُمَّ حَكَى اللّهُ تَعَالَى عَنْ الكُفَّارِ مَقَالَتَهُمْ الَّتِي قَالُوهَا عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ وَالهُزْءِ وَاسْتِبْعَادِ البَعْثِ ، هل نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ ؛ يَعْنُونَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم { يُنَبئُكُمْ إذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } بِالبِلَى وَتَقَطُّعِ الأَوْصَالِ فِي القُبُورِ وَغَيْرِهَا و { جَدِيدٍ } بمعنى مُجَدَّدِ ، وقولهم : { أَفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } هُوَ أَيْضاً مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ، ثُمَّ أَضْرَبَ عَنْ قَوْلِهِمْ ؛ فَقَالَ : { بَلِ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ فِي ٱلْعَذَابِ } : يُريدُ عَذَابَ الآخرةِ ؛ لأَنَّهُمْ صَائِرُونَ إلَيْه ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يريدَ عَذَابَ الدنيا أَيضاً ، والضَّمِيرُ فِي قوله : { أَفَلَمْ يَرَوْاْ } لهؤلاء الذين لا يؤمِنُونَ بالآخرةِ وَقَفَهُمْ اللّه على قدرتِه ، وخَوَّفَهُم من إحاطَتِهَا بهِمْ ، والمعنى : أليسَ يَرونَ أمامَهم وَوَرَاءَهُم سَمَائِي وَأَرْضِي ، وَبَاقِي الآيةِ بَيِّنٌ ، ثم ذكَر اللّه تَعَالَى نعمتَه عَلى دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ احتجَاجاً عَلى مَا مَنَحَ مُحَمَّداً ، و { أَوِّبِي } مَعنَاه : رَجِّعي معه ، قال ابنُ عَبَّاسٍ وغيرُهُ : معناه : يا جبالُ سَبِّحِي مَعَه ، أي : يُسَبِّحُ هُوَ وتُرَجِّع هِيَ معه التسبيحَ ، أي : تُرَدِّدُهُ بالذكر . وقال مؤرج : { أَوِّبِي } سَبِّحِي بِلُغَةِ الحَبَشةِ ، وقَرَأَ عَاصِمُ : « والطيرُ » ـــ بالرفع عَطْفاً عَلى لفظِ قوله : « يا جبال » وَقَرَأَ نَافِعُ وَابْنُ كَثِيرٍ : « والطيرَ » بِالنَّصَبِ . قَالَ سَيبَوَيْهِ : عَطَفَ عَلَى مَوْضِع قَوْلِهِ : « يا جبال » لأَنَّ مَوْضِعَ المنادَى المفردِ نصبٌ ، وقيل : نَصْبُها بإضمار فِعْلٍ تقديرُه وسخَّرْنَا الطَّيْرَ ، { وَأَلَنَّا لَهُ ٱلْحَدِيدَ } مَعْنَاه : جَعَلْنَاهُ لَيِّناً ، ورَوَى قَتَادَةُ وَغَيْرِه : أَنَّ الْحَدِيدَ كَانَ لَهُ كَالشَّمْعِ ؛ لاَ يَحْتَاجُ فِي عَمَلِهِ إلَى نَارٍ ، و « السابغات » : الدُّرُوعُ الكَاسِيَاتِ ذَوَاتُ الفُضُولِ . وَقَوله تعالى : { وَقَدِّرْ فِي ٱلسَّرْدِ } قَالَ ابنُ زَيْدٍ : الذي أَمَرَ بهِ هُوَ فِي قدر الحَلْقَة ، أي : لا تَعْمَلْهَا صَغِيرَةً فَتَضْعُفَ ؛ فَلا يَقْوَى الدِّرْعُ عَلى الدِّفَاعِ ، وَلاَ تَعْمَلْهَا كَبِيرَةً ، فَيُنَالَ لاَبِسُهَا مِنَ خِلاَلِهَا . وقال ابن عباس : التقديرُ : الَّذِي أَمَر بهِ هُو فِي المِسْمَارِ ، وذَكَرَ البُخَارِيُّ فِي « صحيحهِ » ذَلِكَ ؛ فَقَالَ : المَعْنَى : لاَ تَدِقَّ المِسْمَارَ فَيَتَسَلَّلَ وَلاَ تُغْلِظَهُ فَيَنْقَصِمَ بالقافِ وبالفاء أيضاً رواية . * ت * : قال الهُرَوِيُّ : قوله تعالى : { وَقَدِّرْ فِي ٱلسَّرْدِ } « السرد » مُتَابَعَةُ حَلَقِ الدِّرْعِ شَيْئاً بعد شيء حتى يتناسقَ ، يقالُ : فُلاَنٌ يَسْرِدُ الحَدِيثَ سَرْداً ، أي : يُتَابِعُه . انتهى .