Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 47-50)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ … } الآية ، الضميرُ في قوله { لَهُمْ } لقريشٍ ؛ وسبب الآيةِ أن الكفارَ لمَّا أسلمَ حواشِيهم مِنَ الموالي وغيرِهِمْ ، والمستضعفين ، قطعوا عنهم نَفَقَاتِهم وصِلاَتِهم ، وكان الأمرُ بمكةَ أوَّلاً فيه بعض الاتِّصَال في وقت نزول آيات المُوَادَعَةِ ، فَنَدَبَ أولئك المؤمنونَ قَرَابَاتِهم من الكفارِ ، إلى أَنْ يَصِلُوهُمْ ويُنْفِقُوا عليهم ، مِمَّا رَزَقَهُم اللَّه ؛ فقالوا عند ذلك : { أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } . وقالتْ فرقة : سبب الآيةِ أنَّ قريشاً شَحَّتْ بِسَبَبِ أزمةٍ على المساكينِ جميعاً مُؤمن وَغَيْرِ مؤمن ، فَنَدَبَهُم النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى النَّفَقَةِ على المساكينَ ، وقولهُم يَحْتَمِلُ معنيين : أحدهما يخرَّج على اختيارٍ لجُهَّالِ العَرَبِ ، فَقَد رُوِيَ أن أعْرَابِيًّا كان يرعى إبله فيجعلُ السِّمَانَ في الْخِصْبِ ، والمَهَازِيلَ في المَكَانِ الجَدْبِ ، فقيل له في ذلك ؛ فقال : أكْرِمُ مَا أَكْرَمَ اللَّهُ وأهين ما أهانَ اللَّهُ ، فيخرَّج قولُ قريشٍ على هذا المعنى ، ومن أمثالهم : « كُنْ مَعَ اللَّهِ عَلَى المدبِرِ » . والتأويل الثاني : أن يكونَ كلامُهم بمعنى الاسْتِهْزَاءِ بقول محمد ـــ عليه السلام ـــ إنَّ ثَمَّ إلٰهاً هو الرزَّاقُ ، فكأنهم قالوا : لِمَ لاَ يَرْزُقُهم إلٰهُك الذي تزعم ، أي : نحن لا نطعم من لو يشاء هذا الإلٰه الذي زعمْتَ ، لأطْعَمَهُ . وقوله تعالى : { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } يَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ من قول الكَفَرَةِ للمؤمنين ، أي : في أمركم لنا بالنفقةِ ؛ وفي غير ذلكَ من دينكم ، ويحتملُ أن يكون من قولِ اللَّهِ تعالى للكفرةِ . وقولهم : { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } أي : متى يوم القيامة . وقيل : أرادوا : متى هذا العذابُ الذي تَتَهَدَّدُنَا به ، و { مَا يَنظُرُونَ } أي : يَنْتَظِرُونَ ، و « ما » نافيةٌ ، وهذه الصيحةُ هي صيحةُ القيامةِ ؛ وهي النَّفْخَةُ الأولَى ، وفي حديثِ أبي هريرةَ أن بَعْدَهَا نَفْخَةَ الصَّعْقِ ، ثم نَفْخَةَ الحَشْرِ ، وهي التي تَدُومُ ؛ فَمَا لها مِنْ فَوَاقٍ ، وأصل { يَخِصِّمُونَ } : يَخْتَصِمُونَ ، والمعنى : وهم يَتَحَاوَرُونَ ويتراجعونَ الأَقْوَالَ بَيْنَهُمْ ، وفي مُصْحَف أُبَيِّ بن كَعْبٍ « يختصمون » ، { وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } ؛ لإعجالِ الأمْرِ ، بلْ تَفِيضُ أنفُسهم ؛ حيثُ مَا أخَذَتْهُم الصيحةُ .